النكوص و التثبيت




النكوص و التثبيت في علم النفس 

هما وسیلتان او میکانزمان من میکانزمات الدفاع - من آسالیب الحیل الدفاعیة اللاشعوریة - وهي التي يستخدمها الفرد إذا عجز عن مواجهة مشكلاته بصراحة؛ وذلك بقصد التخفيف من حدة التوتر الناتج عن الإحباط، وتشترك هذه الميكانزمات جميعا في خاصيتين:
. أنها تعمل بطريقة لاشعورية.
. آنها جمیعا تنکر الواقع و تشوهه و تزیفه.

وتتلخص أسباب استخدام الفرد لهذه الحيل الدفاعية اللاشعوية في تجنبه لحالات القلق في مواقف الحياة وما يصاحبها من شعور بالإثم، وكذلك التقليل من الصراعات في داخله، وأيضا لحماية ذاته من التهديد، وقد يلجأ إليها لعدم قدرته على إرضاء دوافعه بطريقة سوية واقعية لأسباب كثيرة كأن تكون المشكلة فوق احتماله أو تكون نتيجة دوافع لا شعورية لا يعرف مصدرها، أو تكون ناتجة عن ضعف أو قصور في تكوينه النفسي. وعليه؛ فالحيل الدفاعية بعامة: هي عملية لا شعورية ترمي إلى تخفيف التوتر النفسي المؤلم وحالات الضيق التي تنشأ عن استمرار حالة الإحباط مدة طويلة بسبب عجز المرء عن التغلب على العوائق التي تعترض إشباع دوافعه، وهي ذات أثر ضار عموما، إذ إن اللجوء إليها لا يمكن الفرد من تحقيق التوافق، ويقلل من قدرته على حل مشاكله. وتتطور كل هذه الحيل الدفاعية نظرا لشدة ضعف الأنا لدى الطفل في مواجهة مطالب البيئة.

ويُعد بعض استخداماتها أمرًا سويًا وعاديًا تمامًا ومع ذلك فاذا أستخدمت الحيل الدفاعية بشكل مسرف فإنها يمكن أن تؤثر في النمو النفسى؛ لأنها تمنع الفرد من التعامل مع العالم بطريقة واقعية، كما أنها تبدد الطاقة التى يمكن أن تُستخدم بفاعلية أكثر وتصبح ضارة و خطيرة أيضا عندما تعمي الفرد عن رؤية عيوبه ومشاكله الحقيقية ولا تعينه على مواجهة المشكلة بصورة واقعية.

وتوجد أنواع كثيرة جدًا من الحيل الدفاعية وهى: (الكبت - الأزاحة – النكوص – التبرير – التسامى والأعلاء – الأسقاط - التكوين العكسى – التثبيت – التوحد (التقمص) – النقل – التحويل – التعويض – الإنكار - التخيل
– الإبدال – السلبية – الانسحاب – العدوان – التعميم – الرمزية – المثالية).
آما النکوص والتثبیت فی تفصیلها فهها کالاتی:


أولا : النكوص


هو الارتداد أو التقهقر في النشاط النفسي إلى مرحلة سابقة من مراحل تطور البناء والتكوين النفسي عند الإنسان، وهو يعني أيضا الرجوع إلى الخلف (إلى مرحلة سابقة من مراحل العمر) في التعامل أو السلوك مع الآخرين في مواقف الحياة العديدة.

والنكوص "الارتداد" هو حيلة "الية- ميكانيزم " دفاعي يعود بها الفرد إلى الأساليب الطفلية في ثورته وانفعالاته حين يواجه أزمة أو مشكلة أو ضغط يؤثر على مسار حياته تستعصي إزاحته أو تحييده، ولأن الإحباط يولد قلقا شديدًا لا طاقة بالنفس على مواجهته، فإنه يغير سلوك الفرد ويرجع به إلى مرحلة الطفولة؛ حيث تكونت أولى ملامح الشخصية، فالثورة والانفعال والرفض هي السمات السائدة في سلوك الأطفال، نرى البعض من الرجال أو النساء يمارسون نفس السلوك وهم كبار، فالطفلية إذن لم تغادر سلوك البعض من الناس.

مدرسة التحلیل النفسي (سیجموند فروید) والنکوس :
ترى مدرسة التحليل النفسي أن النكوص يتضمن وجود نقاط في تطور الفرد ثبت عندها الإشباع الغريزي (نقط التثبيت) يعود إليها الفرد كلما أصبح الإشباع محالا في المستوى الأعلى الذي بلغه، كذلك يتضمن النكوص وجود حرمان من الإشباع في الوقت الحاضر هو المسؤول عن ارتداد الطاقة النفسية المهيئة للعمل إلى
مراحله السابقة التي توفر إشباعا نکوصیا. ويقول سيجموند فرويد: إن سر شقائنا أننا عشنا أطفالا، والحقيقة أن مراحل الطفولة حملت معها عواصف وأعاصير تبقى مثبتة في ذاكرة الفرد، لن ينساها أو تمحى من ذاكرته فهو كلما زاد النضج تبقى ذكريات الطفولة بأفعالها وكلماتها تحفر في الذاكرة، لن ينساها أو تمحى من ذاكرته، ولنا أن نقول إن ذكريات الطفولة في الصغر كالنقش في الحجر، فهو كلما زاد النضج تبقى ذكريات الطفولة
بأفعالها وكلماتها تحفر الذاكرة حتى إن البعض من الناس حينما يبلغ الشيخوخة وخصوصا المتأخرة منها أي بعد سن الخامسة والسبعين من العمر تعود له ذاكرته الطفلية كاملة ويتذكر كل صغائر الأمور، وتنسى الذاكرة القريبة والأشياء من حوله وكانه انتقل إلى مرحلة سابقة بكل دقائقها إلى السنوات العشرة الأولى من العمر.

النكوص إذن أمر محتمل الوقوع لدى الكثير منا نحن البشر الأسوياء بمختلف تكويناتنا النفسية لأننا لا نفقد ذواتنا الطفلية أبدًا، وتلاحقنا ونحن كبار في تعاملنا مع الأخرين أو مع زوجاتنا أحيانا وخصوصا حينما يطلب منها
الزوج أن تداعب شعره حتی ینام هادئا مسترخیا. يقول دافيدوف: أحيانا يواجه الناس الضغوط بالرجوع إلى أساليب السلوك التي تميز صغار العمر، كما هو الحال عندما يواجه الطفل وهو في العاشرة من عمره موقفا ضاغطا لا يستطيع حله، يلجأ إلى مص الأصابع أو التبول اللاإرادي في الفراش وهو رد فعل شائع لمواجهة الأزمات التي لم يستطع حلها، أو حينما يولد طفل جديد في الاسرة، تكون الاستجابة المتوقعة للطفل الأكبر منه سنًا مثل هذه الاستجابة.

والنكوص - كما يعتقد علماء النفس - استجابة شائعة للاحباط، سواء عند الأطفال أو لدى الكبار وهو يزود الفرد الذي يلجأ اليه بمهرب أو وسيلة هروب إلى مرحلة سابقة من العمر كانت جميلة وتركت الأثر النفسي في الذات، كان الفرد يشمل بالحب والحنان والأمن من الوالدين، وهو مجتمع الثقة والأمان بالنسبة له، ويحصل على التأمينات التي تعطي الطمأنينة على مستوى تلبية الاحتياجات النفسية والانفعالية.

يعد النكوص من أكثر الحيل الدفاعية "الآليات"ظهورًا في الأمراض النفسية والعقلية، وإن كان في الأمراض العقلية يبدو في صورة تجهم وردود أفعال شديدة مع وجود الصراخ فضلا عن الغيرة الشديدة والغضب والأفعال غير المقبولة مثل: التبول والتبرز علنا وأمام الناس، فمريض العقل يفقد السيطرة على عقله تماما، وهو يعني فقدان الاتصال بالواقع والنكوص إلى مواقف طفلية مبكرة، والضعف في قدرة الذات (الأنا) على التكيف؛  لذا عد من أهم مظاهر المرض العقلي (الذهان) هو السلوك النكوصي الذي لا يلائم المرحلة العمرية التي وصل اليها الفرد، فعلاقته بالواقع تصبح مضطربة وقدرته على تكوين علاقات مع الآخرين محدودة، كما يصبح نموه العاطفي مضطربًا وتفكيره بدائيًا. أما في المرض النفسي (العصاب) فإنه يأخذ صورة أي مواجهة صعبة معبأة بالضغوط أو الأزمات أو الاجهاد، فإنه يساعد على حدوث النكوص حيث يأخذ الشخص في الانفعال والتبرم ورد الفعل غير المتزن ويصبح سهل الاستثارة وكثير المطالب والاحتجاجات، 

وعليه يرى علماء الصحة النفسية أن الأصحاء الذين حسن توافقهم كثيرا ما يلجأون إلى النكوص أيضا بغية التخفيف من القلق أو الشدائد التي يواجهونها وهو تعبير سيكولوجي لطرد البخار المتصاعد من شدة ضغوط الحياة والصراع والاحباط داخل النفس لكي يحيدوا (اسلوب تحييد الموقف الضاغط، أحد اساليب التعامل مع الضغوط النفسية) الموقف الضاغط ونتائجه ولو لحين، فيلجأ البعض إلى الافراط الملحوظ في التدخين أو تناول الكحول حتى الثمالة، أو الافراط في الأكل أو قضم الاظافر أو يفقد البعض السيطرة على انفعالاتهم فيعملون المخالفات القانونية التي تعارض القانون وعدم التقيد بالإشارات المرورية أثناء القيادة أو تزداد مخالفاتهم في العمل وربما حتى اصاباتهم تزداد في العمل ويكون الاستهداف للحوادث عاليا جدا، والبعض الآخر يعود الى ممارسة الاستمناء أو قراءة القصص البوليسية أو الافراط في الاتصال الجنسي.

فالنكوص إذن لاندري إزاء ذلك حقيقة أم صورة مبالغ فيها من الوهم رغم أن دلائل وجودها مؤكدة علميًا وسيكولوجيا.

ثانيا : التثبيت

التثبيت: هو توقف نمو الشخصية عند مرحلة من النضج لا تتعداها عندما تكون مرحلة النمو التالية بمثابة تهديد خطير، ومن مظاهر التثبيت: السلوك الانفعالي الطفلي الذي يصدر عن شاب. فعندما ينتقل الفرد من مرحلة نمو إلى مرحلة أخرى يواجه مواقف محبطة ومثيرة للقلق تعوق استمرار نموه بصفة مؤقته على الأقل ويثبت على مرحلة معينة من مراحل نموه ويخاف الانتقال منها ويتخلى عن شرط سلوكي معين على إشباع حاجاته؛ لعدم تأكده من السلوك هل يستحق الإشباع أم لا؟
فالتثبيت: هو توقف نمو الشخصية عند مرحلة من النضج لا يتعداها.

مدرسة التحليل النفسي ( سيغموند فرويد) و التثبيت :

يرى فرويد أن التثبيت يعود بجانب العوامل الجينية (الوراثية) إلى عوامل ذات طبيعة تربوية اجتماعية وعلى رأس هذة العوامل الإشباع المسرف في سنى المهد والطفولة المبكرة، والذى يجعل الطفل لا يريد أن يترك هذا المستوى الذى ينعم فيه بالإشباع والمتعة. ولكن النمو يتابع سيره إلى المرحلة التالية، ولكن بعد أن يكون قد تخلف قدر كبير من الطاقة اللبيدية في المرحلة التى حدث فيها التثبيت، ومن عوامل التثبيت أيضا الإحباط الشديد الذى يجعل الطفل يجد صعوبة في تخطي هذا المستوى إلى المستوى التالي طلبا للإشباع الذي كان من المفروض أن يتلقاه في هذة المرحلة، كما أن التثبيت قد يحدث في ظل الإشباع المسرف والإحباط الشديد لأنه كثيرا ما يكون التناوب بين الإشباع المسرف والإحباط الشديد هو العامل الحاسم وراء التثبيت.

وإذا لم يحدث تثبيت للطاقة اللبيدية في أية مرحلة وواصلت سيرها، فإن الطفل ينتقل من مرحلة سيكولوجية إلى التي تليها.