دور الاسرة في التنشئة الاجتماعية pdf

دور الاسرة في التنشئة الاجتماعية pdf

الأسرة كمؤسسة لتنشئة الاجتماعية بين ضرورة التاصيل و اولويات التغيير
مقاربة سوسيولوجية

اعداد بيبيمون كلثوم

دور الاسرة في التنشئة الاجتماعية pdf
دور الاسرة في التنشئة الاجتماعية pdf 

ملخص الدراسة
تعد الأسرة الخلية الأولى التي يتكون منها أي بناء اجتماعي كان باعتبارها ظاهرة إنسانية لها أسسها ومقوماتها لكن حقيقة تعدد المفاهيم التي تطرقت لها تجعلنا أمام إشكالية هامة تعكس واقع اختلاف بنية الأسرة و تنوع أنماطها والتي تختلف باختلاف الأنساق الثقافية السائدة خاصة في المجتمعات الإسلامية و الغربية، من جهة أخرى يبدو أن التحولات التي أحاطت بالمجتمعات المعاصرة زادت من حدة التغيرات التي مست جل وظائفها ولكن مع ذلك بقيت عملية التنشئة الاجتماعية أحد أهم الوظائف وما من بديل يمكن أن يعوض دورها وإن تنوعت المؤسسات التنشئة الاجتماعية المنافسة لها، بالنظر إلى الأثر العميق الذي تتركه في شخصية الفرد والذي يمتد من سنواته الأولى ليستمر مدى الحياة. لذا عمدنا إلى التعمق في ماهية هذه العملية، أهم الاتجاهات النظرية المفسرة لها، خصائصها، أساليبها، و العوامل المؤثرة فيها لنعالج في الأخير مظاهر تغير أساليب التنشئة الاجتماعية في ظل النظام العالمي الجديد بالتركيز
على أهم التغيرات التي مست حياتنا المعاصرة والتعرض إلى العنف كأحد المظاهر السلبية المتولدة عن ذلك ونقترح بعض العوامل الهامة لتفعيل المتابعة الأسرية لتنشئة الأبناء في ظل التحولات التكنولوجية والثورة الاتصالية المتسارعة
أبرز ما جاء في الدراسة

خصائص التنشئة الاجتماعية داخل الاسرة

يأتي الطفل الى الحياة محدود القدرة، ضعيف الارادة، ويكون خلال سنواته الأولى بحاجة ماسة الى رعاية وحماية دائمة من قبل الأسرة . في البداية تكون ذات الطفل غير متكونة ورغم ضعفه الظاهر الا أن الله تعالى قد حباه بجملة من القدرات والمواهب الكامنة والتي هي بحاجة الى تطور ونمو، ولا يكون ذلك ممكنا الا بفضل التفاعل مع المحيط الاجتماعي حتى يستدخل عبر عملية التنشئة مختلف العناصر المكونة لنسقه الثقافي ويتمكن من صقل مواهبه واكتساب الميول والاتجاهات التي تميز سلوكه وبالتالي تطبع شخصيته بمميزات فريدة يختص بها عن غيره .
فبفضل عملية التنشئة يتحول الطفل من كائن بيولوجي الى شخص اجتماعي وتتشكل بذلك ذاته الاجتماعية بعد أن كانت جل سلوكاته مدفوعة بواسطة غرائزه الفطرية البيولوجية ليقارب بذلك سلوك الحيوان لكن نقطة الاختلاف بينهما تكمن في قدرة الكائن البشري على النطق والتمييز التي تتطور إذا تنشأ على ذلك، كذا له قدرة ذهنية على انتاج وتشكيل رموز وإشارات ذات دلالات اجتماعية وثقافية متفق عليها يدركها بحواسه تمكنه من التواصل والتفاعل مع الآخرين
ولاشك أن للأسرة دور أساسي في ذلك باعتبارها المحيط التنشئة الاجتماعية الأول الذي يحتضن الطفل وينسج معه مناخا خاصا قادرا على أن يؤثر على نموه النفسي والعقلي وحتى الانفعالي، ذلك لأن نمط التفاعل الاجتماعي داخل الأسرة يأخذ طابع الاحتكاك المباشر بعكس المؤسسات الأخرى التي تأخذ طابع اللوائح والأنظمة .
أن أسباب أهمية وفعالية التنشئة الاجتماعية داخل الأسرة تعود الى :
-         أن طفل الانسان قياسا بالحيوان يمر بفترة من الوهن والاتكالية تجعله في حاجة دائمة الى الكبار من حوله، ولإشباع حاجاته يكون دائما بحاجة الى الانصياع لهم .
-         ان الطفل في هذه الفترة لا يملك ادنى تجربة او خبرة في الحياة
-         ان الطفل في هذه الفترة سهل التاثر و التشكل
-         ان الطفل لا يكون متاثرا باي جماعة اخرى غير الاسرة
-         قابلية الطفل للايحاء و التعلم
-         أن طبيعة العلاقة التفاعلية داخل الأسرة تتخذ صورة علاقة وجدانية وشعورية تترسخ بعمق في شخصية الطفل .
-         خبرات الأسرة تتكرر يوميا في حياة الطفل، وهذا التكرار يجعل الأسرة مهمة .

حتى تضمن الاسرة نجاعة التنشئة التي توفرها لابناءها تعمد الى استخدام مجموعة من الأساليب والآليات من بينها :
-          تقديم المكافآت كوسيلة لتعزيز السلوك المستحب .
-          فرض العقوبات الصارمة لتدارك سلوك غير مستحب .
-         تعلم كيفية أداء الأدوار بالممارسة لتمكنه من إدراكها والتمييز بين أدواره داخل الأسرة وخارجها.
-         تقديم التوجيهات المباشرة لاكسابه أهم المهارات والسلوكات التي هو بحاجة إليها وقد يتطلب الأمر تكرار ذلك عدة مرات .
-         التقليد والمحاكاة كأن يسرد الوالدين تجاربهما الماضية أو نماذج لشخصيات ناجحة في الحياة .
لذلك فإن أهم الخبرات التي يكتسبها الطفل في هذا المحيط خاصة خلال سنواته الخمس الأولى أين يكون أكثر طواعية للاستجابة ولإستدخال أكبر قدر ممكن من المعارف والخبرات تتمثل في :
-         تعلم الطفل كيف يميز نفسه ككائن مستقل منذ السنة الثانية من عمره وهذا انطلاقا من الأهمية التي يوليها له أعضاء أسرته .
-         يتأثر الطفل بالأشخاص المكونين لأسرته، فهم الذين يحددون النمط العام لشخصيته التي تظهر في انفعالاته، استجاباته .
-         يتعلم الطفل الأنماط السلوكية المتعارف عليها اجتماعيا (سلوك الطعام، أصول النظافة،...)، والأساليب المشروعة لتحقيق الأهداف، وأساليب التعبير عن المشاعر والانفعالات . . يتعلم اللغة والأساليب اللغوية الصامتة  كالاشارات والايماءات ....
-         يتعلم الطفل داخل الأسرة أسس الدور، متطلباته وتوقعات الآخرين من المواقف الاجتماعية المختلفة .
-         يتعلم كيف يقوم بعدة أدوار كدور الأخ، دور الأبن، دور الصديق، دور القريب، دور التلميذ كل ذلك يهيئه لاكتساب أدوار أخرى مستقبلا.
-         يتكون مفهوم الذات تدريجيا عند الطفل انطلاقا من تفاعله مع أفراد أسرته ويبقى في اطار توجيهاتها حتى بعد اتساع دائرة علاقاته بعد ذلك إلى مؤسسات التنشئة الاجتماعية أخرى، كجماعة الرفاق، المدرسة....
-         لقد ركزت العديد من الدراسات النفسية الاجتماعية على دور كل من الأم، الاب والاخوة في عملية التنشئة فلكل عضو أثره الخاص والفريد على شخصية الطفل
خاصة خلال المراحل الأولى من الطفولة، ولاثبات ذلك أجريت العديد من الاختبارات وصلت الى النتائج التالية : (24)
إذ يتولد عن حرمان الطفل من أمه آثارا خطيرة على جوانب عديدة من شخصيته قد تظهر في ضعف تحصيله الدراسي، ضعف قدرته على اقامة علاقات مع الأخرين، احتمال تعرضه لمشاكل سلوكية، كالقلق، الخوف ...، كذلك لغياب الأب أثر هام على شخصية الطفل قد يختلف اثره بين الذكور والانات وقد يظهر شكلها عند الاناث في عدم الاعتماد على النفس والاعتماد الدائم على الآخرين، أما الذكور فكانوا غير متوافقين في علاقاتهم الاجتماعية، وغير متأكدين من أدوارهم الجنسية، ويتصرفون برجولة مفتعلة 
وكما لانسجام العلاقة بين الوالدين أثرها الخاص على النمو النمو النفسي الاجتماعي للطفل كذلك فان الانسجام العلاقة بين الإخوة أثرها الخاص، إذ يؤدي مثلا إختلاف معاملة الوالدين للأبناء وتفضيل طفل عن الآخر إلى خلق أنانية و غيره تجعل الأخ يشعر بنقص دائم وأنه غير مرغوب فيه مما يخلق العدوانية بين الأبناء
قد يبدو من أول وهلة أن التنشئة الاجتماعية داخل الأسرة هي عملية تلقين عفوي غير مقصود يكتسب خلالها الطفل مبادئ السلوك السوي و وكيفية استخدام اللغة أو تقمص أدوار أفراد أسرته، لكن حتى وان اتخذ ذلك شكل التعليم غير الرسمي فقد تكون التنشئة الاجتماعية مقصودة في ذات الوقت، ويتضح ذلك من خلال المحاولات المتعمدة من قبل الوالدين لتدريب الطفل على قيم معينة تساعده في عملية الاندماج الاجتماعي، فهي الوسيط بين الطفل والمؤسسات الاجتماعية التي ينتسب اليها، وهي التي تحدد النشاطات والنوادي التي يلتحق بها، كما تساعده في تفسير ما يتعلمه من الجماعات التي ينضم اليها .

اساليب الاسرة في التنشئة الاجتماعية :  

حتى تضمن الأسرة فعالية التنشئة الاجتماعية التي توفرها لابناءها تعمد الى استخدام جملة من الأساليب والطرق التربوية الخاصة بغية ترسيخ المبادئ والقيم التي تؤمن بها، أن هذه العملية بحاجة الى حكمة وسعة صدر وثبات في المعاملة
" إن عملية التطبيع الأجتماعي لا تعتمد على الطفل وحسب بل الأباء أيضا لأنها على القليل بمفهوم الضبط الاجتماعي، لا تحدث إلا إذا كان الآباء يعززون سلوك الطفل، أو يكافئ عليه، فإذا لم يقم الآباء بدور تقديم التعزيزات والمكافآت للطفل،، فإن عملية التطبيع الاجتماعية سوف تتأخر أو تعاق ويتحقق تعزيز سلوك الطفل عن طريق عناية الأباء بجسمه وبتدفئته، ومأكله، ومشربه ".
تأخذ هذه الأساليب عموما شكلين أحدهما سلبي والأخر ايجابي بالنسبة للجانب الإيجابي يتلخص في العناصر التالية :

1 - المساندة العاطفية :

إن العلاقات العاطفية والجو الأسري السليم الذي تهيئه الأسرة للطفل يساعد على تنشئته تنشئة طبيعية، إذ تبين الدراسات النفسية أن غياب الدفيء العائلي يخلق عند الطفل المحروم ملامح الأنطواء واللامبالاة بالاخرين مع انخفاض في مستويات الذكاء.

2. أسلوب الضبط المعتمد من قبل الوالدين:

ويقصد بذلك قدرة الوالدين على التدخل في الوقت المناسب حتى لا يصل الطفل إلى درجة الانحراف، ويكون ذلك إما بالإقناع أو العقاب البسيط ويكون أسلوب الإقناع والمناقشة أفضل، لذلك على الأسرة أن تقوي قنوات الاتصال والحوار بين أعضائها حتى تفتح المجال للتفاعل الإيجابي البناء لأنه يؤدي :
-        خلق شعور الثقة بالنفس عند الطفل واستقلالية ممايفسح المجال لروح الإبداع .
-         تكوين علاقات اجتماعية ناجحة خالية من القلق .

3 - تعويد الطفل على الاعتماد على نفسه وخلق روح المسؤولية فيه .

 أما الجانب السلبي لهذه الأساليب فقد نجدها في بعض الأسر والتي قد تكون في الغالب غير مقصودة لتوفر ظروف معينة، كتعرض أحد الوالدين للحرمان في طفولته، أو وجود طفل وحيد في الأسرة ... وتتلخص هذه العناصر في :
أ -  النمط العدائي عند أحد الوالدين : وتتجلى مظاهره في إتباع الأسلوب العقابي ذو الطابع العصبي الذي يكون اقرب منه الى الانتقام من الإصلاح والذي يؤدي إلى شعور الطفل بالاحباط، واقتران سلوكه بالعدوان وابتعاده عن والديه هربا من العقاب، واضطراره للتعلق بجماعات خارجية مما يقلل فرص تنشئته داخل الأسرة
ب - . الحماية الزائدة للطفل من قبل الوالدين : يحتاج الطفل إلى الرعاية والحماية ولكن لا يجب أن يتجاوز ذلك درجة من الحماية المفرطة والتي قد يكون لها أبعاد غير مرغوب فيها :
-        كالتعلق المكثف بالطفل من خلال حرص الوالدين على إبقائه معهم على الدوام .
-         التدليل من خلال التجاوز عن أخطاء الطفل .
-         عدم اعطاء الطفل الحرية في استقلالية السلوك والتي قد يتولد عنها سوء تكيف الطفل مع المحيط الخارجي، وعدم قدرته على تحمل المسؤولية ويغلب عليه الميل إلى الخضوع.
ج - أسلوب التفرقة عبر تفضيل طفل من أحد الجنسين على الأخر .
د -  اختلاف طريقة التربية بين الوالدين نظرا لاختلاف وجهات النظر بين من يفضل الصرامة ومن يفضل اللين مما يؤدي إلى خلق شخصية متذبذبة . لذلك على الأسرة أن تحسن إختيار أساليبها لأنها بصدد إعداد وبناء شخصية فرد سيساهم في بناء المجتمع .

المرجع 
بيبيمون كلثوم . 2008 . الاسرة كمؤسسة للتنشئة الاجتماعية بين ضرورة التاصسل و اولويات التغيير pdf  . مجلة العلوم الانسانية . العدد 29 . 

و في موضوع ذات صلة تعرف على ابرز مؤسسات التنشئة الاجتماعية.


ميزة جدول التنقل

google-playkhamsatmostaqltradent