بحث عن الوسواس القهري مع المراجع pdf

بحث عن الوسواس القهري مع المراجع pdf


محتويات البحث
مقدمة
تعريف الوسواس القهري
نسبة إنتشار الوسواس القهري
أعراض الوسواس القهري
أسباب الوسواس القهري
تشخيص إضطراب الوسواس القهري
مآل إضطراب الوسواس القهري
علاج إضطراب الوسواس القهري
الخاتمة

قائمة المراجع 

بحث عن الوسواس القهري مع المراجع pdf
بحث عن الوسواس القهري مع المراجع pdf


مقدمة
يعد اضطراب الوسواس القهري اضطرابا نفسيا، وهو أحد التصنيفات الفرعية المندرجة تحت فئة اضطرابات القلق ضمن الدليل التشخيصي الإحصائي الرابع للطب النفسي، حيث يتصف هذا الاضطراب بوجود أفكار متكررة لا يرغبها المرء، وتأتي رغما عنه حتى بعد محاولته إبعادها أو التخلص منها. مما يؤدي ذلك إلى ارتفاع مستوى التوتر والقلق لدى الفرد وقيامه أيضا بأفعال قهرية لا يستطيع الامتناع عنها، نظرا لأن هذه الأفعال تخفض من قلقه.
وبالتالي هنا يؤثر الوسواس القهري على مجمل حياة الفرد في توازنه وتوافقه النفسي والاجتماعي.
ومن هنا جاء البحث الحالي ليعرف أكثر دقة لهذا الاضطراب، من خلال تطرقنا الى بعض عناصر التي تندرج ضمنه من خلال الخطة التالية: تعريف اضطراب الوسواس القهري، مدى نسبة انتشاره، أعراضه، أسبابه، واضطراب شخصية الوسواسية، التشخيص، مآل، والعلاج المقدم.

1-تعريف الوسواس القهري:

1-1-التعريف اللغوي:

الوسواس القهري : يقال وسوس الشيطان اليه ، و في صدره وسوسة وسواسا : حدثه بما لا ينفع فيه ولا خير ، يقال وسوسة النفس ، و تكلم بكلام خفي مختلط لم يبنه . 
و يقال قهرا : اي غلبه : و تقول اخذتهم قهرا ، اي من غير رضاهم . ( رزوق كنزة ، 2018 : 40 )

2-1-التعريف الاصطلاحي:

الوسواس القهرى : Obsessive Compulsive
"الوساوس obsessions هي:" أفكار متسلطة، والقهر compulsion هو: سلوك جبري يظهر بقوة لدى المريض، ويلازمه ويستحوذ عليه، ويفرض نفسه عليه، ولا يستطيع مقاومته؛ رغم وعيه وتبَصٌّره بغرابته وسخفه وعدم فائدته، ويشعر بالقلق والتوتر إذا قاوم ما توسوس به نفسه، ويشعر بإلحاح داخلي للقيام به."(حامد زهران،423:1999).
تعرض مفهوم اضطراب الوسواس القهري منذ ظهوره و حتى الآن إلى تغيرات عديدة، فقد وصف إسكیرول) Esquirol1838) لأول مرة بأنه زملة من الأعراض الوسواسیة القهریة وأحد الأمراض العقلیة التي یصعب علاجها نظرا لأنه أحد أشكال التفكیر العقلي المرتكزة على مفاهیم خاطئة ، و تفسيرات غير حقيقية
 في حين وصفه جانيه ( Ganet)  بأنه نوع من الشكوك المقتحمة و أشار إلى أن الأفراد الوسواسیین یعانون من ضعف الإرادة، و صعوبة ضبط النفس، و بالتالي فإن الوساوس تعد أحد مسببات الاضطراب العقلي، و قد صنف جانییه محتوى الوسواس إلى خمسة أصناف أساسیة هي : الجریمة ، تدنیس المقدسات و العار و عدم الملائمة الجسمیة و توهم المرض. (ايمان دليل،41:2015). 

1- 3 - التعريف في الطب النفس:

فالوسواس القهري هو اضطراب عصابي يتمثل في فكرة غیر مرغوبة و مستمرة ، و هو اضطراب في محتوى التفكیر حیث یصبح الفرد متوتر و قلق كما تؤثر هذه الأفكار على حیاة الفرد الیومیة ، و تحوم هذه الأفكار حول موضوع معین بشكل اجتراري أو سلسلة طویلة من الأفكار ، غالبا ما یدرك المریض أنها تافهة.
أما الأفعال القهریة فهي عبارة عن حركات معقدة طقوسیة یكررها المریض بشكل روتیني كسلوك غسل الیدین ، فیرى المریض نفسه مندفعا نحو القیام بهذا السلوك لأن الفكرة تأتي من العقل و یجب أن تنفذ و إذا لم تنفذ فإن القلق و الضغوط يظهران و لهذا فإن الفرد یحاول إطفاءهما عن طریق القیام بالسلوك القهري. (سعاد البشر،24:2007)
اضطراب الوسواس القهري هو اضطراب قلق مزمن حيث تنتاب الشخص أفكار هاجسية متكررة (وساوس( يمكن أن تؤدي إلى سلوك متكرر )دوافع قهرية.( (دليل مقدم لأشخاص ذوي اضطراب الوسواس القهري،6:2017)
ويعرف  N.Bourbonالوسواس القهري TOC) )  بأنه مرض نفسي عصابي له أعراضه الخاصة، وكتب عنه مئات سنينن، ويحدده مؤخرا المعايير التشخيصية لل DSM-IV-TR1و DSM 5. (N.Bourbon,02 )
ویطلق أنجلش Angelch على العصاب القهري اسم الاستجابة الحصاریة القهرية Obsessive  Compulsive reaction  و یصفه بأنه سلوك عصابي یرتبط فیه القلق بالانشغال بأفكار غیر مرغوبة ، و بدفعات عنیدة إلى تكرار أفعال معینة المرة تلوى الأخرى و یصف أن الوسواس والقهر یشكلان زملة واحدة أو طراز سلوكيا واحدا.(ايمان دليل،42:2015)
وتعرف أسماء العطية اضطراب الوسواس القهرى بأنه أحد اضطرابات القلق، لأن الأفكار الوسواسية والأفعال القهرية هي في الأصل محاولة من جانب الفرد للتحكم فى القلق، ويتصف ذوو اضطراب الوسواس القهرى بالنزعة الى الكمال والخلو من النقص والعيب وفعل الشيء كما ينبغي.(أسماء العطية،36:2002).
اضطراب الوسواس القهري العصابي Obsessive-compulsive-disorder هو نوع من القلق العصابي النفسي والذي یشعر فیه المرضى بأن لدیهم أفكار و مشاعر و أحاسیس, و تصرفات, تجعلهم یشعرون أنهم منقادین لعمل شيء وبمعنى آخر یكون لدى الشخص هواجس أو ما یسمى بالاستحواذ obsession تضطره لفعل أشیاء أو ما یسمى بالإلزام compulsions.(أحمد عكاشة،81:2003)
ويشير ديفيد ه.ج. بارنو إلى أن اضطراب الوسواس القهري يرجع إلى التوقعات غير العادية للنتائج السلبية، حيث أن مرضى الوسواس القهري لديهم توقعات عالية غير عادية للنتائج السلبية للعديد من الأفعال والتصرفات وأن محتوى الوسواس يتضمن نمطياً مبالغة في الاهتمام والقلق الموجود لدى الأفراد
العاديين بالصحة، والموت ورفاهية الآخرين، والجنس، والدين، وما شابه ذلك.(عمر الريماوي،أميرة الريماوي،90:2014).

2 - نسبة انتشار اضطراب الوسواس القهري:

يعتبر اضطراب الوسواس القهري أحد الأمراض النفسية الرئيسية، حيث تعاني منه نسبة كبيرة من الحالات على عكس ما كان التصور من قبل أنه حالة نادرة الحدوث، و تفيد آخر الإحصائيات في مراجع الطب النفسي الحديثة أن نسبة 23 % من الناس معرضون للإصابة بمرض الوسواس القهري على مدى سنوات حياتهم، و هذا الرقم كبير جدا لأن معناه وجود عشرات الملايين من مرضى الوسواس القهري في أنحاء العالم .
كما تذكر إحصاءات أخرى أن نسبة 10 % أي واحد من كل 10 أشخاص يترددون على العيادات النفسية يعاني من هذا المرض النفسي، و بذلك يعتبره الأطباء النفسيون في المرتبة االرابعة من حيث الانتشار بعد حالات المخاوف المرضية و حالات الإدمان، و مرض الاكتئاب النفسي.
و تكون بداية الإصابة بالاضطراب الوسواس القهري عادة في سن المراهقة، أو مرحلة الرشد المبكر،و بالرغم من أن هذا الاضطراب قد ينمو في مرحلة الطفولة، كذلك يعد من أكثر الاضطرابات النفسية ألما و معاناة و تبدو واضحة في أشكال من السلوك أو الأفكار المختلفة عند المصاب بها، فقد لوحظ أن 10 من المرضى قد بدأت أع ا رضهم قبل 24 من العمر و أن 80 قبل لسن الخامسة و الثلاثين و أن 10 إلى 70 تبدأ الأعراض لديهم بعد كرب أو شدة، و البداية تكون حادة في نصف الحالات، و عادة ما يتكتم المريض عن أعراضه و لا يتعالج إلا بعد سنوات و مسار الاضطراب مزمن يتميز بفترات متناوبة و لوحظ أن حوالي 30 إلى 20 من المرضى يتسننون بدرجة متوسطة بينها 30 إلى 20 من المرضى تظل حالتهم كما هي أو تتفاقم، و أن ثلث المرضى يصابون بالإكتئاب الذي يكون ما بين مضاعفاته الإنتحار أو الإدمان و هناك خطر ضئيل من تحول الوسواس إلى أوهام (كنزة رزوق،44:2018).
یضیف كابلن وسادوك أن الذكور أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب عن الإناث متوسط عمري( 19 ) عام" و الإناث "متوسط عمري( 22 ) عام" و حوالي2/3 من مرضى الوساوس القهریة بدأت أعراضهم قبل سن ( 25 ) عاماً و أقل من ( 15 %) تبدأ أعراضهم بعد سن ( 35 ) عاماً.
  توضح الدكتورة فاطمة أحمد صالح كعكي استشاریة الطب النفسي بمستشفى الملك فهد بجدة، أن نسبة الإصابة بالوسواس القهري حوالي( 2.5 %)، و ترتفع في الذكور بنسبة( 25 %) في سن الطفولة (قبل سن 15 سنة) ثم یتساوى الذكور والإناث بعد ذلك. ویظهر المرض بین سن ( 20 ) و ( 40 ) سنة ، و یستمر من شهور إلى خمس سنوات قبل الذهاب إلى الطبیب النفسي، حیث أن معظم المرضى یعتبرون استشارة الطبیب دلیل ضعف منهم.
من خلال هذه الإحصائیات یتبین أن اضطراب الوسواس القهري من بین أكثر الاضطرابات النفسیة انتشارا إلا أن معظم المرضى الوسواسیین بسبب طبیعة التكتم لدیهم و خوفهم من الإقلاع عن القیام ببعض الطقوس التي من شأنها أن تخفض من حدة الكدر و التوتر اللذین یعانون منهما نتیجة لأفكارهم الوسواسیة لایذهبون إلى العیادات النفسیة .(ايمان دليل،43:2015-44)

3-أعراض الوسواس القهري:

طبقا للدليل التشخيصي و الإحصائي الرابع (DSM-IV)الصادر عن جمعية الطب النفسي الأمريكية فإن تشخيص اضطراب الوسواس القهري يتطلب وجود وساوس أو دفاعات قهرية، و تعرف الوساوس بأنها مقتحمة و غير ملائمة، و تسبب قلقا ملحوظا أو شعور بالكرب أما الدفاعات القهرية فتتعرف عللا أنها سلوكية متكررة، أو أفعال عقلية يجد الشخص نفسه مدفوعا لأدائها أو إستجابة لوسواس، أو طبقا لقواعد متصلبة .
و تتميز الأعراض الوسواسية القهرية بالمميزات التالية :
- يجب ألا تكون الفكرة أو تنفيذ الفعل في حد ذاته مصدر المتعة
- يجب أن تكون الأفكار و التصورات أو النزوات متكررة بشكل مزعج أي عدد المرات التي تسيطر فيها الوساوس القهرية أو الأفعال القهرية في فترة زمنية معينة، مثال ذلك تكرار غسيل الأيدي ) 13 مرة ( عند الوضوء و يقصد بالتكرار أيضا معاودة السلوك، و في هذا الإتجاه إذا تكرر حدوث الوساوس القهرية أو الأفعال القهرية في أغلب الأيام أو لمدة أسبوعين على الأقل، تصنف الحالة بأنها مرضية مع العلم أن العمل المتكرر لا يعد مظهرا مرضيا إلا ذا أصبح يشكل عائق في توافق الفرد و ممارسة نشاطه بشكل عادي .
- مدة حدوث السلوك أي إذا كانت الأفعال القهرية تحدث لمدة أطول أو أقل مما هو عادي و هذا كله يحدده طبيعة السلوك .(كنزة رزوق،46:2018-47)
و قد قسم روث أعراض الوسواس القهري إلى قسمين : الأفكار القهرية و الأفعال القهرية.

أعراض الأفكار القهرية

فهي كالآتي :
1- سيطرة النظام وجب الروتين و الجدية المفرطة و عدم التسامح و المثالية و الاهتمام بشؤون النظافة كغسيل اليدين المتكرر .
2- الإحساس و الشعور بعدم الطمأنينة و عدم الحيد عن المألوف و البطء الزائد في العمل حيث يشك المريض في كل شيء و يكون كثير التردد و كثير المراجعة .
3-كثرة الاهتمام بالصحة العامة و مواعيد قفاء الحاجة الطبيعية و الخوف من الجراثيم و الميكروبات و القذارة و العدوى، الأمر الذي يدفع المريض إلى تطهير يديه بالكحول أو تجنب مصافحة الآخرين.

أعراض الأفعال القهرية  :

وتشمل الأفعال على أفعال النظافة و تكرار الطقوس و العد و الترتيب و النظام و التجميع و التخزين.
-التكرار القهري و هذا إذا أصبح يشكل عائقا في تكيف صاحبه و يسبب له القلق و الصراع و التعطيل الجزئي أو الكلي للوظائف و يشكل عائقا بينه و بين إشباعه لحاجته .
- الأفعال القهرية المتتابعة : يقوم المريض بسلسلة من الأفعال بتتابع و إذا حاول تغييره أو مخالفته فإنه يشعر بضيق شديد و قلق بالغ.
- النظام القهري : و هو إتباع نظام لا يحيد عنه، و غالبا ما توجد هذه النظم في الأمور الحياتية اليومية فهو يرتب كتبه و ملابسه في خزانته بشكل معين، و يدخل في هذا النوع أيضا الأفعال القهرية المتعلقة بالتدقيق الشديد في إدارة المنزل .
- الأفعال القهرية المناهضة للمجتمع ) السيكوباتية ( و تضم الأفعال القهرية التي تلم على المريض بضرورة تنفيذها و من بينها :
-السرقة القهرية : كالسيدة التي تسرق من المحلات التجارية و عندما تضبط تشعر بالخجل و لاتستطيع تقديم تفسيرا لسلوكها .
-إشعال الحرائق: وهي كالسرقة القهرية يقوم بها الفرد دون معرفة الدافع و يشعر بالراحة و السرور.(أحمد عكاشة،88:2003)
-الفيتشية القهرية : و هي التعلق بممتلكات الجنس الآخر و الحصول على الإثارة الجنسية منها.(كنزة رزوق،48:2018)
و قد أورد  حامد زهران أهم أعراض الوسواس و الأفعال القهرية كالآتي :
-الأفكار المتسلطة، و تكون في مظمها تشككية أو فلسفية أو إتهامية أو عدوانية أو جنسية مثل: الشك في الخلق و التفكير في الموت و البعث أو الإعتقاد بالخيانة الزوجية، و الإنشغال بفكرة ثابتة تتسلط .
- المعاودة الفكرية و التفكير الاجتراري ) مثل ترديد الأغاني و الموسيقى بطريقة شاذة .
- التفكير الخرافي البدائي و الإيمان بالسحر و الشعوذة و الأحجية و الأفكار السوداء و التشاؤم و توقع الشر .
- الإنطواء و الاكتئاب و الهم و حرمان النفس من أشياء و متع كثيرة و سوء التوافق الإجتماعي و قلة الميول و الإهتمامات نتيجة التركيز على الأفكار المتسلطة و السلوك القهري .
- الضمير الحي الزائد عن الحد و الشعور المبالغ فيه بالذنب، و الجمود و عدم التسامح و العناد و الجدية المفرطة و الكمالية و الدقة الزائدة.
- الإستبطان المفرط في النشاط الجسمي و الإنفعالي و الإجتماعي .
- المخاوف المرضية و خاصة الميكروبات و الجراثيم و القذارة و التلوث و العدوى و لذلك فهو يتجنب المريض مصافحة الناس، كطوابق المنازل و النوافذ و درجات السلم و أعمدة الكهرباء .
- النظام و النظافة و التدقيق و الأناقة الزائدة و إعطائها أهمية بالغة لدقائق الأمور و الصغائر و التفصيلات ) وقت طويل و طقوس ثابتة في النظافة و غسل اليدين المتكرر و نظام ثابت ( .
- الروتينية و الرتابة و التتابع القهري في السلوك و الأناة و البطء الزائد. 
- الشك المتطرف في الذات و تكرار السلوك كتكرار قفل الأبواب و الغاز .
-السلوك القهري المضاد للمجتمع مثل هوس إشعال النار و هوس السرقة .(حامد زهران،26:1999 -27)

4 - أسباب الوسواس القهري:

1-4- العوامل الوراثية:

یلعب العامل الوراثي دورا هاما في نشأة الوسواس القهري فقد وجد أن أولاد المرضى بالوسواس القهري یعانون من نفس المرض ، وكذلك الإخوة والأخوات و هذا غیر باقي أف ا رد العائلة الذین یعانون من الشخصیة القهریة و قد وجد عكاشة (1980-1997) في دراسة له أن التاریخ العائلي لمرضى الوسواس القهري في مصر یظهر في (26) مریضا لدیهم حالات مرضیة في العائلة من أصل (84) حالة أي حوالي(%30).
كما بینت دراسات عدیدة وجود تأثیر واضح للوراثة في اضطراب الوسواس القهري فهو أكثر عند التوائم المتماثلة (%33 ) و  (%63)عنه في التوائم غیر المتماثلة(%7).
و یؤكد سادلرsadler  على أن للعامل الو ا رثي دور أساسي للإصابة بمرضالوسواس القهري ، فیذكر بأن سجلات عیادته لفترة امتدت لأكثر من( 35 )عاما كشفت على أن الو ا رثة تظهر كسبب رئیسي في (%90) من الحالات المصابة بالعصاب القهري.(ايمان دليل،51،2015)

2-4- العوامل البيولوجية:

توجد ملاحظات بيولوجية تبرز دور العوامل البيولوجية في اضطراب الوسواس القهري وهي:
أ‌- وجود شذوذ في نمط رسم المخ الكهربائي خاصة في النصف الأيسر من المخ يساهم في حدوث الوسواس القهري.
ب‌-    يسود هذا الاضطراب نتيجة نقص السيرتونين.
ج- شيوع هذا الاضطراب لدى التوائم المتماثلة أكثر منه منه لدى التوائم غير المتامثلة ويعكس ذلك الدور الهام الذي تلعبه الوراثة في حدوث اضطراب الوسواس القهري.(أسامة فاروق،346:2011)

3-4- العوامل النفسية:

يرى فرويد أن الوسواسين قد حدث لهم تثبيت  fixsation  على المرحلة الشرجية من التطور النفسي الجنسي، نتيجة لصراعات بين الوالدين و الطفل حول التدريب على عادات الحمام، و يحدث الصراع خلال التدريب على الحمام بين رغبة الطفل في التخلص من فضلات جسمه تبعا لارداته، و طلب الوالدين منه أن ينظم هذه العملية المتصلة بالشرج ليوافق المستويات الحضارية في النظافة و في التحكم في الدفعات.و عندما يصدر الوالدين ضد الطفل عقاب شديدا على ذلك، و عندما يكون هذا التدريب مبكرا جدا، أومتأخر جدا،أو عندما يدرك الطفل خبرة هذا التدريب على أنه محبط جدا فإن ذلك يؤدي إلى الوسواس القهري .
وينظر أصحاب النظرية السلوكية لاضطراب الوسواس القهري على أنه سلوكا متعلما تم دعمه عن طريق المخرجات أو النتائج التي يؤدي إليها إحدى هذه النتائج وهو خفض القلق، والخوف، ومن ثم فان اكتشاف ذلك بالنسبة للفرد يؤدي به إلى تكرار نفس السلوك.
في موضوع ذات صلة يمكنك تحميل مدكرة تخرج بعنوان  الصحة النفسية لدى الشخصية الوسواسية القهرية رابط تحميلها من هنا 

5 - تشخيص اضطراب الوسواس القهري:

 يصنف اضطراب الوسواس القهري ضمن إضطربات القلق في الدليل التشخيصي والإحصائي الرابع للإضطربات العقلية، و قد وضعت محكات تشخيصية للوساوس القهرية و الأفعال القهرية كالآتية:

أ- الأفكار الوسواسية:

- أفكار متكررة و مستمرة، إندفاعات أو تخيلات، يخبرها الفرد في أغلب الأوقات أثناء شعوره بالاضطراب  و تبدو مقحمة و غير مناسبة و تسبب قلق أو ضيق .
- يحاول الشخص تجاهل أو قمع هذه الأفكار و الإندفاعات و التخيلات، أو يحاول تجسيدها )بطالها ببعض الأفكار أو الأفعال الأخرى).
- يعرف الشخص ان هذه الأفكار هي من نتاج عقله و ليست مفروضة عليه من الخارج.

ب - الأفعال القهرية:

- سلوكات متكررة قد تكون ظاهرة مثل : غسيل الأيدي، الترتيب، الفحص، أو تصرفات عقلية قد تكون غير ظاهرة مثل : تكرار طقوس معينة في الصلاة، تكرار عدد ما، ترديد كلمات في صمت، مع شعور المريض بأنه مدفوع إليها و يكررها وفق نظام صارم 
- تهدف السلوكيات و التصرفات العقلية إلى وقاية أو خفض الضيق أو تكون وقاية من المواقف والأحداث التي تسبب رهبة، مع إدراك المريض أن هذه السلوكيات و التصرفات العقلبة زائدة و غير معقولة، و ذلك لعدم وجود علاقة واقعية بين هذه الأفعال و بين ما يريد المريض تجنبه أو جعله حياديا أو يريد منعه من الوقوع، أو يكون القيام بهذه الأفعال مقبولا لوجود علاقة، و لكن تكرار السلوك أو شدته تكون زائدة عن الحد و قد يكون شكل السلوك على خلاف ما تم التعارف عليه.
(كنزة زروق،56:2018)
وتحدد الجمعية الأمريكية للطب العقلي في تصنيفها الرابع تشخيص اضطراب الوسواس القهري اذا تجاوزت الوساوس والأفعال القهرية مدة ساعة في اليوم.(freeston et autres :1996)
 و في موضوع ذات صلة يمكنك تحميل كتاب الوسواس و الهواجس النفسية رابط تحميله من هنا 

6 - مآل اضطراب الوسواس القهري:

نستطیع أن نقول بالإجمال أنه قبل عشر سنوات ,كان حوالي نصف إلى ثلث الحالات تتحسن في غضون خمس سنوات , على الرغم من نوع العلاج , و التي یرتكز تأثیرها على تقلیل التوتر والقلق و الاكتئاب المصاحب للوسواس القهري تاركا الوساوس لتشفى تلقائیا , وكان ینظر سابقا لمصیر الوسواس القهري على أنه أسوء من باقي الأم ا رض النفسیة , و لكن الأبحاث أثبتت أن مآل المرض یوازي بقیة الأمراض العصابیة .(ايمان دليل،54:20015)
و الجدیر بالذكر هنا تحول بعض حالات الوسواس القهري إلى مرض شبیه بالفصام , و یختلف العلماء في تفسیر مدى هذا التحول , و تراوحت النسبة ما بین(1) إلى(12%)أما في مصر فقد وجدت أن  (80%)من الحالات قد تحولت في غضون خمس سنوات من الوسواس القهري إلى أع ا رض ذهانیة شبیهة بالفصام.
و تفید الأبحاث الحدیثة و علاج المتابعة أن حوالي (70) إلى(80%) من مرضى الوسواس القهري یتماثلون للشفاء بعد استعمال العقاقیر المثبطة  لاسترجاع السیروتونین التي تزید في المستقبلات العصبیة مع العلاج السلوكي و لكن تزید نكسة المرض بعد التوقف من العلاج الكیمیائي والسلوكي , و یجب أن
یستمر العلاج لمدة لا تقل عن 6 شهور , وقد تستمر إلى عدة سنوات.
و یعتقد انسل)  Hansel 1990) أن الذهان الناتج عن الوسواس القهري یختلف أساسا عن الفصام ویحتمل أن یكون نوعا مستقلا من الذهان له مسبباته البیئیة و مصیر مختلف عن الفصام (أحمد عكاشة،184:2003 )

7- علاج اضطراب الوسواس القهري:

تتعدد المداخل العلاجية لعلاج اضطراب الوسواس القهري ويمكن تلخيصها فيمايلي:

العلاج التحليلي:

من خلال تمكين المريض من أن يتعرف إلى الصراع الكامن عن طريق إبطال كبت الصراع اللاشعوري، مع تحليل متعمق للدفاعات الوسواسية القهرية، وان كانت العديد من الدراسات التي تناولت مدى شفاء الوسواس القهري باستخدام العلاج بالتحليل النفسي قد أثبتت قلة كفاءته. (محمد غانم،83:2007-84)
ترى نظریة التحلیل النفسي أن الأعراض الوسواسیة القهریة عبارة عن رموز لاشعوریة متصارعة بین الفرد و المجتمع و ذلك لعدم تقبل الجنس أو العدوان و هي ترى أن هذه الأعراض قد تستخدم لخفض القلق و ضبطه و ذلك لمنع هذه الاندفاعات المتصارعة من الظهور ، و لقد كتب فروید عام 1909 حول حالة تعاني من الوسواس القهري ، حیث وضع نظریته العلاجیة حول هذا الاضطراب على أساسها و أكمل المتدربون على العلاج بالتحلیل النفسي و ساروا على نهجه حیث أ روا أن هذا الاضطراب ما هو إلا فرع من الاضطرابات الجنسیة التي عالجوها على نهج فروید ، فهدف العلاج بالتحلیل النفسي هو الوصول إلى المناطق اللاشعوریة عن طریق تشجیع المریض على الكلام حول مشاكله في الجلسات العلاجیة ، و یقوم المحلل النفسي باستخراج العوامل الخفیة في المشكلة و یحاول فهم أسبابها.

العلاج السلوكي:

و یعتمد هذا النوع من العلاج على نظریات الاشراط في التعلم ، وله طرائق فنیة متعددة أهمها التعرض للمثيرات الوسواسیة , والمنع الحازم للطقوس القهریة , وقد اتضح أن التعرض یقلل من الضیق الوسواسي، أما منع الاستجابة فیقلل من الطقوس والجمع بینهما ضروري.

العلاج المعرفي:

المنحى المعرفي مدخل مهم لفهم أسباب اضطراب الوسواس القهري و من المتوقع أن تنبع منه طریقة أو طرق علاجیة معرفیة محددة و یستخدم الآن العلاج المعرفي مع العلاج السلوكي في وحدة تتعامل مع مختلف جوانب الاضطراب حیث یوضح "بول سالكوفسكس" وهو متخصص في المنحى المع رفي
أن الإستراتيجيات المعرفیة یمكن أن تستخدم بالاشتراك مع التعرض ومنع الاستجابة ,كما أن هناك مجالا ضیقا لاستخدام العلاج المعرفي منفصلا عن التعرض.
یستهدف العلاج النفسي المعرفي التشوه المعرفي لدى مریض الوسواس القهري و الذي یظهر ضمن حلقة مفرغة و الذي ینشط هذه الحلقة هو التحفیز المفرط غیر طبیعي ، الذي یجعل المریض في حالة تأهب دائم. مما یدفع به إلى القیام بطقوس معینة بشكل قهري . و العلاج النفسي المعرفي محاولة لكسر هذه الحلقة المغلقة عن طریق التعامل معتقدات المریض. (ايمان دليل،55:2015-56)
العلاج البيئي الاجتماعي:
حيث يحتاج المريض أحيانا إلى تغيير مكان العمل أو السكن حتى يبتعد عن مصدر الوسواس خاصة  إذا كانت له علاقة بالخوف من الأمراض أو التلوث بميكروبات أو طقوس حركية خاصة. (محمد غانم،84:2007)

العلاج بالأدوية:

في الآونة الأخيرة، تم الاستفادة في علاج الوسواس من علاج تعاطي المخدرات حيث تم تطوير الجزيئات التي تمنع امتصاص السيروتونين على المستوى المركزي و الذي من شأنه أن يظهر مدى فعاليته في مكافحة الوسواس بشكل صحيح. (JEAN- Christophe et all, 1999)
"الإميبرامين" « Imipramine » "كلور أميب ا رمين" « Clorimpramine » : إفترض أن مرض الوساوس يشكون من نقص في السيروتونين في مناطق الاشتباك العصبية الدماغية، مما أسرع إلى استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب ذات التأثير النوعي على السيروتونين في علاج اضطراب الوساوس و الأفعال القهرية، و هما الدوائين السابقين الذكر.
-عقار الكلوميبرامين: « Clomipramine » : أشارت نتائج دراسة إلى وجود تحسن ملحوظ لدى مجموعة علاجية ) استخدمت العقار مدة 1 أسابيع (، كما أشارت أيضا إلى أن العلاج بالعقاقير لا يكون مفيدا في معظم الحالات إذا كان الأمر يتطلب علاج طويل المدى.
- كما تفيد دراسات أخرى عن نتائج باهرة تحققها الأدوية المضادة للاكتئاب الثلاثية الحلقة بخاصة و أيضا مثبطات الكلوميبرامين( الأنافرانيل بمقادير عالية تصل إلى 150-200 ملغم يوميا) وأيضا مثبطات أحادية أمين الاكسيداز MAOI، و لكن الأعراض الوسواسية غالبا ما تعود ثانية عندما يوقف إعطاء هذه المستحضارات.

العلاج الكهربائي:

الصدمات الكهربائية ليست علاجا أساسيا أو أوليا في مريض الوسواس، و لكن إذا عانى المصاب من كآبة و ميلانخوليا و علل جسمية و وساوس المراق و ميول انتحارية فعندئذ يكون العلاج الكهربائي في محله.

العلاج الديني الروحي:

لابد من الإنسان أن ينهي من الاسترسال في وساوس الشيطان التي تغزو دماغه أو عقله، وذلك من خلال اللجوء إلى قراءة القرآن الكريم لدفعها، و يعلم أنه يريد إفساد دينه و عقله بهذه الوسوسة، فينبغي أن يجتهد في دفعها بالاشتغال بغيرها.
(كنزة رزوق،65:2018-67)
و في ذات السياق يمكنك تحميل كتاب الوسواس القهري دليل عملي للمريض و الاسرة و الاصدقاء رابط تحميله من هنا 

الخاتمة

و في الأخير نستنتج ان إضطراب الوسواس القهري هو احد إضطرابات الشخصية التي قد تصيب الفرد جراء الضغوطات و المشاكل التي يواجهها في حياته ، مما قد يؤثر على توافقه النفسي و الإجتماعي ، لهذا لابد من اللجوء إلى الاساليب العلاجية النفسية المختلفة التي ذكرنها و التي تتوافق مع الافراد كل حسب حالته ، حتى يستطيع ان يحقق توافقه النفسي و الإجتماعي و ممارسة حياته بشكل عادي .
قائمة المراجع:
1-أحمد عكاشة (2003):الطب النفسي المعاصر(ط1)، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، مصر.
2-أسماء العطية "فاعلية برنامج ارشادي معرفي سلوكي في خفض بعض اضطربات القلق لدى عينة من أطفال دولة قطر " مجلة مركز البحوث التربوية، جامعة قطر السنة الحادية عشر العدد 21 يناير 2002.
3-أسامة فاروق (2011):مدخل إلى اضطربات السلوكية والانفعالية(ط1)،دار المسيرة للنشر والتوزيع،عمان، الأردن.
4-ايمان دليل(2014-2015)، الأفكار اللاعقلانية وعلاقتها بأمراض الوسواس القهرين مذكرة مقدمة لاكتمال متطلبات شهادة ماستر أكاديمي، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، الجزائر.
5-حامد زهران (1999):الصحة النفسية والعلاج النفسي،(ط1)، عالم الكتب، القاهرة، مصر. رابط تحميله من هنا 
6-سعاد البشر(2007):كيف تتخلص من الوسواس القهري، (ط1)،عالم الكتب،القاهرة، مصر.
7-عمر الريماوي، أميرة الريماوي" الوسواس القهري وعلاقته بأبعاد الشخصية العصابية والانبساطية لدى طلبة القدس" المجلة الدولية التربوية المتخصصة، المجلد(3) العدد(5)-ايار 2014،جامعة القدس، فلسطين.
8-غانم محمد حسن(2007):الاضطربات النفسية والعقلية والسلوكية (ط1)، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة.مصر.
10-كلثوم بلميهوب" التشدد العقائدي والوسواس القهري" مجلة شبكة العلوم النفسية العربية العدد 25-26 شتاء وربيع 2010
11-كنزة رزوق(2017-2018)، المخططات المعرفية غير التكفية لاضطراب الوسواس القهري، مذكرة لنيل شهادة الماستر في تخصص علم النفس الاكلينيكي، جامعة العربي بن مهيدي، ام البواقي، الجزائر.
12-دليل الخدمات التيسيرية المقدمة لأشخاص ذوي الاضطراب الوسواس القهري(2017)،(ط1)، المملكة العربية السعودية.
13-N.bourbon , Le Trouble Obsessionnel Compulsif , EHS Mahfoud Boucebci Faculté de médecine d’Alger.