نظريات الصحة النفسية

 

نظريات الصحة النفسية

هناك العديد من المدارس و النظريات التي فسرت نشاة الصحة النفسية و هي كالتالي :

نظريات الصحة النفسية

نظريات التحليل النفسي و الصحة النفسية

يعتبر سيغموند فرويد مؤسس مدرسة التحليل النفسي أن العناصر الأساسية التي يتكون منها البناء النظري للتحليل النفسي هي نظريات المقاومة والكبت واللاشعور ، فهي تقوم على بعض الأسس التي تعد بمثابة مسلمات لتفسير السلوك ، منها الحتمية النفسية والطاقة الجنسية والثبات والاتزان ومبدأ اللذة .

يتوقف تحقيق الصحة النفسية على مقدرة الأنا على التوفيق بين أجهزة الشخصية ومطالب الواقع ، أي أن الاضطراب يحدث عندما لا تتمكن الأنا من الموازنة بين الهو الغريزية والانا العليا المثالية .

يرى فرويد أن عودة الخبرات المكبوتة يؤثر تأثيرا رئيسا في تكوين الأمراض العصابية وان الفرد الذي يتمتع بصحة نفسية هو من يستطيع إشباع المتطلبات الضرورية للهو بوسائل مقبولة اجتماعيا . (1).

وهنا يفترض "فرويد" أنه في حالة الصحة النفسية تكون القيم الأخلاقية العليا للفرد إنسانية ومبهجة ، في حين في حالة العصاب مثارة ومتهيجة من خلال تصورات جامدة مرهقة ، ولا يقاس مقدار الصحة النفسية من خلال غياب الصراعات أو عدم وجودها ، وإنما تتجلى الصحة النفسية من خلال القدرة الفردية على حل الصراعات ومواجهتها. (2).

اعتبر أصحاب هذه النظرية أن الصحة النفسية السليمة تتمثل في قدرة الأنا على حسم الصراع الدائر بينهما كل من الهوا و الأنا الأعلى و التوافق التام بين هاتين المنظمتين و مطالب الواقع، وعلي كبح جماح الهوا و ضبط غرائزها و دوافعها ، وعدم الإغراق في القيم المثالية بحيث لا ينفصل الفرد علي الواقع كما أعطوا أهمية بالغة الخبرات الطفولة للفرد في إرساء قواعد الشخصية، و اكدوا على دور عدم النضج و التثبيت خلال مراحل النمو النفسي الجنسي في تكوين الانحرافات و الاضطرابات النفسية ، و تقوم أيضا هذه النظرية على عدد من الأسس التي تعد بمثابة مسلمات في تفسير السلوك من أهمها : الحتمية النفسية، الطاقة النفسية، الثبات، الاتزان، مبدأ اللذة.

في رأي "إيريك فروم " Erik frome إن الصحة النفسية للفرد تتمثل كحل وسط بين الحاجات الداخلية للفرد و المطالب الخارجية للمجتمع، و أكد على مغزى قدرة الفرد علي التعبير عن الحب للآخرين، و الأخذ أكثر من العطاء .أي أنه قد ربط بين مفهوم الصحة النفسية و القدرة علي الحب و الشعور بالتوحد والارتباط الوثيق بالأهل و الوطن و قد ربط " اتورانك "ITOORANK" بين مفهوم الصحة النفسية و الإبداعية أما " سوليفان SOLIVAN فقد ربط بين مفهوم الصحة النفسية و العلاقات الشخصية المتبادلة غير المتتالية، و كذلك قد ربطت "کارن هورني " KARN HORNY بين مفهوم الصحة النفسية و إدراك الذات و تحقيقها، و المقدرة على إضفاء التكامل بين معظم الحاجات العصابية . (3)

نظريات المدرسة السلوكية و الصحة النفسية :

پری رواد هذه النظرية أن السلوك متعلم من البيئة، وأن عملية التعلم تحدث نتيجة الوجود الدافع و المثير و الاستجابة، و بالتالي فان مفهوم الصحة النفسية لديهم يتمثل في الاستجابات المناسبة للمثيرات المختلفة أي استجابات بعيدة عن القلق و التوتر.

فان الصحة النفسية السليمة بالنسبة للنظرية السلوكية تتمثل في اكتساب الفرد عادات مناسبة و فعالة تساعد على التعاون مع الآخرين في مواجهة المواقف التي تحتاج إلى اتخاذ قرارات، فان اكتسب الفرد عادات تتناسب مع ثقافة مجتمعه النفسية هو محك اجتماعي ومن رواد هذه النظرية " سكينر" SKINNER الذي يعتقد أن سوء الصحة النفسية يعود إلي أخطاء في التعلم الشرطي .

و يرى كل من " کارلك هل " CLARCK HUL و " جون دولارد " JONE DOLLARD و " نيل ميللر " MIL MILLER أن السلوك المرضي و الذي يدل علي اعتلال الصحة النفسية كما يمكن تعلمه و اكتسابه، يمكن إزالته و التخلص منه شأنه شأن السلوك العادي ويرون أن الاضطراب الانفعالي الاجتماعي ينتج علي عامل من العوامل التالية : الفشل في التعلم، اكتساب سلوك مناسب، تعلم أساليب سلوكية غير مناسبة أو مرضية، مواجهة الفرد مواقف صراعية تستدعي منه بان يقوم بعملية تمييز واتخاذ قرارات يعجز علي القيام عنها. ( 3 )

نظرية الانسانية و الصحة النفسية

يرى الصحة النفسية تتمثل في تحقيق الفرد لإنسانيته تحقيقا كاملا ، وأن الطبيعة البشرية خيرة بالطبع أو في الأقل محايدة وان الظاهرة السلوكية السيئة بمثابة أعراض ، ويؤكدون الصحة النفسية ، وان الدراسة النفسية يجب ان تتوجه إلى الكائن الإنساني السليم وليس الافراد العصابيين . ويؤكد روجرز إن هنالك اتصالا وثيقا بين مفهوم تقبل الذات وتحقيقها وبين الصحة النفسية .

و يرى روجرز أن الإنسان كائن عقلاني اجتماعي متعاون ، ويمكن الوثوق به ، وان الأفراد لديهم إمكانية أن يتعايشوا ويخبروا عن وعي العوامل التي تسهم في عدم توافقهم ، وأنه من الضروري الإيمان بقيمة الإنسان ، وقدرته على مواصلة النمو والتطور الذاتي ، فالإنسان مسؤول عن تقرير مصيره ورعاية مصالحه بطريقته الخاصة دون المساس بحرية الآخرين . (1 )

يقوم علم النفس الإنساني على بعض المعتقدات الأساسية منها:

أن الإنسان خير بطبيعته  وأن المظاهر السلوكية السيئة أو العدوانية تنشأ بفعل ظروف البيئة

أن الإنسان حر ولكن في حدود معينة فهو حر في اتخاذ ما يراه من قرارات وقد يكون هنالك مواقف وظروف تحد من حريته.

التأكيد على السلامة أو الصحة النفسية

الدراسة النفسية يجب أن تتوجه إلى الكائن الإنساني السليم وليس الأفراد العصابيين أو الذهانيين.(4)

نظرية ماسلو في الصحة النفسية:

الإنسان بحاجة إلى إشباع الحاجات المادية والمعنوية  ، و ما زال المربون في ميدان التربية يعتبرون نظرية العالم النفساني الأمريكي إبراهام ماسلو (Abraham Harold Maslow) من النظريات النفسية الهامة الجديرة بالدراسة لكل المعلمين والمعلمات .

للإنسان حاجاته النفسية مثل حاجة الشعور بالأمن كما يقول ماسلو في هرمه المشهور هرم الحاجات  ولذلك فإن التربية يجب أن تراعي تلك الحاجات النفسية والاجتماعية والبيولوجية كي يشبعها الإنسان

أشار ماسلو إلى الحاجات التالية:

الحاجات الفسيولوجية و حاجات الأمن و حاجات الانتماء و حاجات التقدير و حاجات تقدير الذات.

يؤكد ماسلو في نظريته على أن الإنسان كلما حقق حاجاته الأولية فإنه يتطلع لإشباع حاجة أعلى فيتنقل من مرحلة إلى أخرى على التوالي إلى أن يشبع حاجاته من خلال تحقيق ذاته والكثير من أهدافه.

و تؤكد نظرية ماسلو على أن الحاجة إلى الأصحاب والحاجة إلى التقدير والاحترام في محيط الأسرة والمدرسة ومركز العمل من الحاجات الأساسية للإنسان وأن الانتماء إلى الأندية والجمعيات والنقابات ليس بالأمر الكمالي في حياة الإنسان فهذه الحاجات تغذي نفسه من ناحية الانتماء إلى الآخرين ، وجد ماسلو من خلال ملاحظته لبعض الشخصيات التاريخية البارزة أن قلة من الناس هم الذين يصلون إلى مرحلة تحقيق الذات -The level of self actualizationوهذه المرحلة بحاجة إلى عمل دائم لأنها عملية مستمرة تتصف بالنمو والديمومة وتستدعي الحفاظ على مستوى الصحة النفسية والإنجازات التي سبق أن حققها الفرد. (5)

نظرية بلوم:

يرى Blum الصحة  النفسية انها متشابك جسدي ونفسي ويرى أن من أهم مزيج المقومات الأساسية للصحة النفسية هي:

الرعاية الصحية

علم الوراثة

البيئة

السلوك

أسلوب الحياة . (5)

النظرية الوجودية :

كيركجارد ، فيكتور فرانكل وغيرهم ، حيث يرى فرانكل أن ما يحتاج إليه الإنسان حقيقة ليس هو استعادة الاتزان بل ما يسميه بالديناميات الراقية في ذلك النوع من التوتر الملائم الذي يحتفظ بالفرد موجها بثبات نحو تحقيق قيم محددة ، نحو إقرار معنى لوجوده الشخصي ، وهذا أيضا ما يضمن ويحفظ صحته النفسية إذ أن الهروب من أي موقف ضاغط سوف يؤدي إلى وقوعه في الفراغ الوجودي . (6)

إن فهم وجهة النظر الوجودية عن الصحة النفسية يتطلب معرفة موقفها من القلق، فالقلق بالنسبة للمنظور الوجودي ليس شعور غیر مسر أو غير مرغوب فيه فهو العلامة الأولى للتيقظ الفكري وهو بالتالي بمثابة مثير أو حافز للنمو الشخصي، والصحة النفسية لا تعرف من خلال غياب القلق وإنما باعتماد هذه المعاني للتفاعل معه.

ويضع الفلاسفة الوجودين خمسة معايير للصحة النفسية :

- على الفرد التمتع بالصحة النفسية هو القادر على خلق حالة من الاتزان بين الأشكال الثلاثة للوجود؛ الوجود المحيط بالفرد، والوجود الخالص بالفرد، والوجود المشارك في العالم.

- تتطلب الصحة النفسية الالتزام بالنسبة إلى الحياة والسعي وراء الأهداف التي يختارها الفرد

- قدرة الفرد على تحمل مسؤولية حياته

- توحد أو تكامل الشخصية

- تتحقق الصحة النفسية من خلال الشعور الذاتي أو إدراك الذات من خلال الإرادة.

فإن لم يستطع أن يدرك معنى الوجود ولم يشعر بالحرية ولا يتحمل مسؤولية أعماله واختياراته، ولا يتقبل نواحي ضعفه أو مدركة للتناقضات فذلك يعني الاضطراب النفسي والصحة النفسية السيئة. (4)

علم النفس السريري والطب النفسي

يقتربان في تفسيرهما للصحة النفسية من تفسيرات الصحة الجسمية العامة ، إذ يعد إن الفرد السليم هو الذي يخلو من الاضطرابات النفسية والانفعالية والنفسجسمية والذهانية ، ويمكن عد الحياة سلسة من الصراعات فإذا نجح الفرد في التغلب تكون الصحة النفسية ، وإذا فشل يكون المرض النفسي.

ويرى الطب النفسي إن اضطرابات الصحة النفسية ناتجة عن أسباب كثيرة بعضها يعود إلى الفرد والأخر للبيئة وتشخص اضطرابات الصحة النفسية باعتماد مجموعة من الأعراض والعلامات والحدة والشدة ، الصادرة عن منظمة الصحة العالمية .(1).

النظريات الجشطالتية و الصحة النفسية :

ابرز روادها  بيرلز  perls يرون أصحاب هذه النظرية في القدرة على العيش هنا و الآن بشكل حقيقي، بينها يتجلي المرض في تزوير الواقع الذاتي و الوجودي، والهروب من الماضي أو المستقبل أي الهروب من قلق العيش من المعروف أن المريض النفسي يعاني من انعدام القدرة علي مجابهة الذات.

يرى بيرلز الصحة النفسية تتحقق حيث يتمكن الشخص من الوقوف على قدميه، و تحمل المسؤولية مصيره و يتمكن من عيش رغباته و مشاعره في حالة من لقاء الذات ، يؤكد جون بويلي الطبيب و المحلل النفسي، الذي ترأس قسم الصحة النفسية في منظمة الصحة العالمية ان الصحة النفسية أساس في بناء الطمأنينة القاعدية التي تمثل تجربة تغلق ايجابي وطيد و مستقر مع الأم، فالطمأنينة القاعدية هي منطلق الانفتاح علي الدنيا و الناس و تفتح الإمكانيات و نمو الثقة بالذات ، وعلى العكس فهو يرجع مختلف الاضطرابات النفسية إلي قلق الانفصال، وما يولد من انعدام الطمأنينة القاعدية التي تؤسس لكل ردود الأفعال الدفاعية المرضية. (3).

النظرية المعرفية :

يرى أصحاب هذه النظريات المعرفية أن الصحة النفسية للفرد ترتبط بقدرته على تفسير الخبرات بطريقة منطقية تمكن الفرد من المحافظة على الأمل، باستخدام مهارات معرفية مناسبة لمواجهة الأزمات، وحل المشكلات وعليه فان الشخص المتمتع بالصحة النفسية هو فرد قادر علي استخدام الاستراتيجيات معرفية مناسبة للتخلص من الضغوط النفسية و يحي علي فسحة أمل ولا يسمح لليأس بالتسلل إلي نفسه

وصاحب هذه النظرية هو ويليام هيريست  و تؤمن هذه النظرية بما يلي :

- يجب علي علماء السلوك دراسة العمليات العقلية مثل التفكير و الإدراك و الذاكرة و الانتباه و اللغة و حل المشكلات.

- تطبيق العمليات العقلية مع الحياة اليومية .

- تنمية الشعور، و استعمال الطرق الموضوعية التأكيد مثل هذا الشعور .(3)

المراجع و المصادر 

(1) مرزوق بن احمد عبد المحسن العمري . ( 2012 ) .ضغوط النفسية المدرسية و علاقتها بالانجاز الاكاديمي و مستوى الصحة النفسية لدى عينة من الطلاب . جامعة ام القرى . السعودية . ص 41 -42

(2) بخوش نورس ، حميداني خرفية. ( 2016 ) . جودة الحياة و علاقتها بالصحة النفسية لدى طالبات جامعة زيان عاشور . مذكرة ماستر علم النفس التربوي . جاكعة الجلفة . الجزائر. ص 53

(3) كتفي عزوز. ( 2017 ) .  المساندة الاسرية و علاقتها بالصحة النفسية لدى عينة من مرضى القصور الكلوي. مذكرة ماستر علم النفس العيادي . جامعة محمد بوضياف مسيلة . الجزائر. ص 48 – 49 -51 – 50

(4) ملوكة عواطف . اتجاهات المعلمين نحو ممارسة مديري مدارس الابتدائية للعلاقات الانسانية و علاقتها بالصحة النفسية .ص 84

(5) محمد جبار سايب . (2017 ) . الصحة النفسية لدى طلبة كلية الاداب في الجامعة القادسية .شهادة البكالوريوس علم النفس. ص 15 – 16

(6) ميلود دواجي نور الدين . عجيمي كوثر . ( 2017 ) . مستوى الصحة النفسية عند المصاب بداء السكري من النوع الاول . ماستر علم النفس العيادي و الصحة العقلية .جامعة مستغانم


و في موضوع ذات صلة يمكنك الاطلاع على اهداف الصحة النفسية