دور الاخصائي النفسي في المؤسسات العقابية

دور الاخصائي النفسي في المؤسسات العقابية
دور الاخصائي النفسي في المؤسسات العقابية 

كان دور الاخصائي النفسي في المؤسسات العقابية منعدما تماما في العديد من الدول العربية بحيث اقتصر دور  الاخصائي النفسي في أكبر المستشفيات و العيادات الطبية وكانوا عدد الاخصائيين النفسانيين المتخرجين و الممارسين قليل جدا في العديد من الدول العربية من بينها الجزائر، ومع سنوات الثمانينيات التسعينيات تزايد عددهم ،وقد كان اللقاء الأول بينهم وبين العدالة بواسطة طب النفس الشرعي، تلته بعض الزيارات القليلة للنفسانيين العاملين في المستشفيات إلى السجون القريبة من مقر عملهم بدعوة من وزارة العدل التي فتحت أبوابها فيما بعد لتوظيفهم.

و رغم ان دور الاخصائي النفسي في المؤسسات العقابية و برامج إعادة التربية وقوانين السجون مذكور و الصادرة سنة 1972 لكنه كان غائب عن ذلك الميدان، وتوظيف الأخصائيين النفسانيين في الثمانينيات جاء بعد إحساس المسؤولين بالدور الذي يمكن أن يلعبه النفسانيون في إعادة التربية وإعادة الإدماج.

ويمكن ذكر عدد تقريبي حول عدد الممارسين النفسانيين في السجون الجزائرية مثلا بحيث وصل إلى أكثر من 100 اخصائي نفساني موزعين على أكبر المؤسسات العقابية، والمتمثلة في مؤسسات إعادة التأهيل والتربية الواقعة مقرات الولايات والتي عددها يتجاوز 50 مؤسسة .

النصوص التنظيمية و دور الاخصائي النفسي في المؤسسات العقابية

يتمثل دور الاخصائي النفسي في المؤسسات العقابية بصفتهم موظفين مدنيين وسط موظفين شبه عسكريين أو على الأقل ينتمون إلى أحد أسلاك الأمن، وذلك بموجب نصين قانونيين، أحدهما خاص بقطاع السجون وهو الجهة المستخدمة والأخر خاص بقطاع الصحة وهو السلك الأصلي للنفسانيين، وفيما يلي بعض التفصيلات للقانونين :

1- قانون تنظيم السجون وإعادة التربية، ولا سيما المواد رقم 76 وما يليها منه والتي تنص على وضع النفساني تحت سلطة مدير المؤسسة، كما يكلف بمتابعة مجموعة من النزلاء من الناحية النفسية، ويعني بالتعرف على شخصية كل واحد منهم ويسعى إلى التأثير فيهم إيجابيا وله ملف شخصى لكل نزيل قدم له العلاج النفسي ويساعدهم على حل مشاكلهم الشخصية والعائلية.

كما يشرف على التعليم والتكوين المهني كل الأنشطة الثقافية والرياضية، وكذلك تكييف جميع التدابير الرامية إلى إعادة تأديب المحكوم عليهم، وهو ملزم بحضور اجتماعات لجنة الترتيب والتأديب وتقديم التفسيرات اللازمة بشأن أي نزيل يمكن أن يستفسر حوله، يمكن له أن يقدم اقتراحات بالإفراج المشروط أو الالتحاق بورشة خارجية أو الاستفادة من عطلة لصالح أي نزيل يرى بان ذلك من مصلحته .

2 - المرسوم التنفيذي رقم91/111 المؤرخ في 27 أفريل 1991 المتضمن القانون الأساسي النموذجي لأخصائيين النفسانيين الممارسين في قطاع الصحة العمومية و لاسيما المواد رقم 18 و 19

والتي تحدد مهام وصلاحيات الأخصائي النفساني العيادي فيما يلي :

  • الفحوص النفسية
  • التقييم النفسي
  • التشخيص النفسي 
  • التوجيه

- المساعدة النفسية سيما الإرشاد، والنصائح المرافقة النفسية للمريض الذي هو في حالة خطيرة، تحضير المرضى نفسيا للعمليات الجراحية

- الوقاية والعلاج  وكذلك تطبيق التقنيات العلاجية المتخصصة

- العمل المؤسساتي

- تكوين الموظفين الطبيين والشبه الطبيين

- تطبيق العلاجات النفسية سيما العلاج النفسي بالدعم

- العلاج السلوكي، الاسترخاء، العلاج الجماعي، ديناميكية الجماعة والسيكودراما .

علم النفس والعدالة في مواجهة الإجرام:

لكي يتغير وجه المؤسسات العقابية وتتغير نظرة المجتمع إليها ويتبدل مفهومها القديم إلى مفهوم حديث يتسم بالفعالية ويكتسي الطابع الإنساني ويصون حقوق الأفراد المودعين بها ويتجسد فعلا شعار إعادة التربية والتأهيل الذي يحتوي على برنامج متنوع يخص فتح مدارس للتعليم العام و ورشات التكوين المهني ومجالات لممارسة الرياضة والترفيه والتعبير عن الرغبات والمشاعر والنمو السليم من الناحية الجسمية والنفسية، والسعي إلى علاج المجرم ومحاربة الجريمة بشتى أشكالها، وإصلاح الفرد الجانح و المجرم لكي يكون فردا صالحا يعاد إدماجه من جديد في وسطه الطبيعي ألا وهو الأسرة والمجتمع.

ولكي يكتب لها النجاح في هذه المهام كان لا بد لها من موظفين مؤهلين من الناحية العلمية والمعرفية والمعنوية لتعزيز ذلك المسعى بانتهاج المنهج العلمي في التعامل مع مشاكل الإنسان في أعقد مراحل حياته وأخطر ظروفه وأصعب أزماته.

وبما أن للجريمة علاقة وطيدة بالجهاز النفسي للإنسان، ومن أجل علاجها كاضطراب في السلوك أو مرض نفسي يصيب الشخصية كان لا مناص من التعاون مع النفسانيين للمساهمة في المحافظة على التوازن النفسي والشخصي للنزلاء سواء داخل السجن أو بعد الإفراج عنهم نظرا لما للنفساني من وزن من الناحية المعنوية والإنسانية، فهو أقرب الموظفين بدون جدال من النزلاء كون مهمته ذات صبغة إنسانية، وذلك يفتح إمكانية التأثير في بعضهم وتحفيزهم على التغير نحو الأحسن واقتراح تدابير خاصة للبعض الآخر أو من خلال المساهمة في إثراء برامج إعادة التربية والتأهيل وتنويعها بإعداد البرامج التربوية والتعليمية المناسبة لهذه الفئة حسب مختلف الأعمار والمستويات الدراسية.

إضافة أن للنفساني إمكانية فهم النزيل من ناحية اضطراباته وانفعالاته وتفسيرها وإيجاد الحلول الناجعة لها، فإن بإمكانه توجيه طاقم المؤسسة العقابية وإرشاده إلى أفضل السبل لتربية الذين زلت بهم القدم في طريق الانحراف، ويكون القدوة كذلك في التعامل مع هذه الفئة من المجتمع حتى في حالة العدوانية ،وهي عموما تحدث في شكل تحويل للحب أحيانا و الكراهية أحيانا أخرى، كل تلك المشاعر يسقطها النزيل على شخص النفساني وحده لأنه الجدير بتقديرها وفهمها.

إن التعاون الجدير بالاحترام مع الاخصائي النفسي يسهل للقائمين على المؤسسات العقابية الحفاظ على إنسانية الفرد والسهر على ترقيته وتطويره وإكسابه خبرات جديدة وإدخال عناصر هامة في شخصيته وتغيير تفكيره وتهيئته لإدخاله من جديد في المجتمع فردا جديدا صالحا يبني مستقبله بكل أمان .

دور الاخصائي النفسي في المؤسسات العقابية

مهام الاخصائي النفسي في المؤسسة العقابية او السجون
مهام الاخصائي النفسي في المؤسسة العقابية او السجون

إن العلاقة بين الاخصائي النفساني و بين المساجين تعتبر مهمة للغاية و عليها يتوقف دوره بصفة عامة، فالعلاقة السليمة هي بداية العملية العلاجية، لذلك يجب أن تتسم بالثقة بين الطرفين ويسودها جو من التفاهم والارتياح من جانب النزلاء الذين يستندون على النفساني في كثير من المواقف والحالات التي تتطلب تدخله، حيث يشعرون بالأمان وبالسند الذي يفتقدون إليه من باقي موظفي المؤسسة العقابية، وأكثر من ذلك فإنه يعتبر صندوق الأسرار إذ يبوح له النزلاء بأسرارهم وأمانيهم وأحلامهم وألامهم لذلك فهم يستمعون إليه جيدا و يتقبلون ما يقوله ويحاولون تصحيح أفكارهم وتعديل سلوكهم.

ولكي لا يقع النفساني في مغالطاتهم وحيلهم يجب عليه أن يكون حذرا من الانجذاب والتورط العاطفي الذي يسعى إليه بعض المساجين لكسب وده والفوز بمعونته وتدخلاته لدى مسؤولي السجن، فهو لا يمكن أن يكون طرفا مساندة للمساجين ولا يشاركهم عواطفهم وأحاسيسهم، بل هو موظفا محايدا وموجها، غير أن هذه العلاقة يجب أن تشمل كل العاملين في حقل العلاج وإعادة التربية، لأن الاخصائي النفساني يعتبر شخص محوري مهم في التنسيق بين مختلف الأطراف والتأثير فيها.

ومهما يكن من أمر فإن نشاطه النفساني ينقسم إلى جهدين الأول موجه إلى النزلاء والثاني إلى المشرفين على إعادة تربيتهم لأجل تكامل المجهودات والوصول إلى نتائج مرضية، وهو مرجع لكثير من الموظفين في العديد من القضايا التي تهم النزلاء وإعادة تربيتهم.

وفي خضم ذلك الجو فإنه يقوم بعدة أنشطة مختلفة ترمي كلها إلى تحقيق هدف واحد وهو إصلاح النزيل وإعادة إدماجه من جديد في المجتمع فردا سليما من الناحية النفسية، ومن الأنشطة المتاحة التي يقوم بها عموما النفساني بالمؤسسة العقابية نذكر ما يلي :

1 -  الفحص النفساني

وهو اعادة لقاء على انفراد بين الاخصائي النفسي والنزيل في المؤسسة العقابية وجها لوجه في مقابلة قد تمتد أحيانا إلى أكثر من ساعة من الزمن بمكتب الأخصائي النفساني الذي عادة لا يكون مجهزا بالوسائل الضرورية للفحص النفساني، بل على النفساني الإلحاح على تلك الوسائل لأن القائمين على السجن ليسوا أصحاب اختصاص وهو يتواجد بعيادة المؤسسة.

الفحص النفسي  يكون إما بطلب من النزيل أو بتوجيه من أطراف أخرى مثل الأطباء الذين سبق لهم فحصه أو من طرف مدير المؤسسة أو قاضي تطبيق العقوبات.

يتم استعراض النزيل لحالته بنفسه بمساعدة الاخصائي النفساني، وأهم المقابلات التي تصلح مع النزلاء هي : مقابلة التعارف، مقابلة المساعدة مقابلة العلاج والمتابعة مقابلة ما قبل الإفراج.

و الاخصائي النفساني ملزم قبل كل شيء بطمأنة النزيل بأن كل ما يدلي به لن يتم إبلاغه لأي كان وأن المحافظة على أسراره شيء مقدس بالنسبة للنفساني.

يقوم أولا بالتشخيص النفسي أي التعرف على نوعية المرض أو الاضطراب الذي يعاني منه العميل، ويستخدم لأجل ذلك عدة وسائل منها: الاختبارات النفسية.

ويركز كل اهتمامه حول العميل، مشاعره، أحاسيسه، التغيرات التي تطرأ على حركاته، الكلمات التي يختارها، طريقة ظهوره  أي دراسة شخصيته دراسة شاملة.

الأمراض النفسية في السجون او المؤسسات العقابية :

يعتبر السجن تجمع غیر عفوي لفئة معينة من المجتمع لديها خصوصياتها ومميزاتها، إذن فمن طبيعي أن تظهر عليها بعض أنواع الأمراض الخاصة بها ومعظمها من فعل سمة الانغلاق التي تميز هذا النوع من المؤسسات.

و يمكن الإشارة إلى بعضها على سبيل المثال وليس الحصر منها: عصاب السجن الذي يسبب في اضطراب الطبع والتفكير لدى النزيل الذي لا يستطيع التحكم في عواطفه ورغباته فيسلك سلوكا منحرفا يسبب له الانزواء، ثم نجد الاكتئاب ومحاولة الانتحار الذي يظهر على شكل كره للحياة والتبرم منها والهروب من المشاركة، وكذلك الانحرافات الجنسية التي تتمثل في الاستمناء والجنسية المثلية ولا غرابة في وجودها بين نزلاء المؤسسات العقابية نظرا لطبيعة المجتمع العقابي، وكذلك بعض الحالات من الاستعراضية، كما نجد العدوانية الذاتية، حيث يستعمل المسجون جسمه كوسيلة لدفع القلق الذي يصيبه، فنجده يوجه لنفسه ضربات بأي شيء يجده في متناول يده قصد إلحاق الضرر بجسمه .

كما تبرز اضطرابات النوم باختلاف أنواعها، وأكثرها شيوعا هو الأرق، ولابد من الإشارة إلى أن معظم النزلاء قد تناولوا سابقا المخدرات و الكحول وأصبحوا مدمنين لذلك يسعى كل منهم بشتى الطرق إلى الحصول على كمية من المخدرات الصيدلانية المسببة للسعادة والهلوسة .

كما يجب الإشارة إلى الوشم حيث يقوم بعض المساجين برسم أشكال معينة معبرة على أوضاعهم وأحوالهم وتحكي قصص حياتهم وتترجم مشاعرهم وأحاسيسهم، يخاطبون بها غيرهم ويلجئون إليها عندما يعجزون عن التعبير الشفوي من ناحية، ومن ناحية أخرى فهم يقلدون بعضهم ويتباهون باخضرار أجسادهم ويفتخرون بعدد المحاكمات و السنوات التي قضوها في السجن.

2 - العلاج النفسي:

والذي يعتبر أهم أعمال الأخصائي النفساني على الإطلاق ولأجل تحقيق ذلك يستعمل عدة تقنيات علاجية علما أن التعامل مع شخص مسلوب الحرية من الناحية النفسية ليس بالأمر الهين كما يظن البعض.

ففي بعض الأحيان كل الطرق لا تكاد تنفع مع عميل يعاني من عدة اضطرابات في نفس الوقت، لذلك على الاخصائي النفساني أن يكون على غاية من الفطنة والانتباه والمهارة لكي يتمكن من إقناعه بطريقة علاجية معينة خاصة أن معظم النزلاء يعتبرون الاخصائي النفسي طبيبا للأمراض العقلية ويقدمون له طلبات لمنحهم الأدوية، وعليه أن يجتهد في إقناعهم بأنه طبيب الأمراض النفسية وليس العقلية وذلك عن طريق الحوار والمناقشة الجماعية في القاعات عندما يقوم بجولات تفقدية إلى حيث النزلاء أو حتى من خلال تعليق لافتة تشير إلى كونه طبيب لا يمنح الأدوية بل مهمته تكمن في العلاج النفسي، علما أن أفضل علاج هو عندما يذهب النفساني إلى حيث النزيل و يكتشف بأنه مريض و بحاجة إلى علاج ومساعدة، فالكثير من النزلاء يخجل أو يخشى من الذهاب إلى مكتب الأخصائي النفساني لما ارتبط به هذا الاسم من نعوت و صفات مضللة.

و من بين العلاجات التي يقدمها السيكولوجي او الاخصائي النفسي للنزلاء السجن او المؤسسة العقابية ما يلي :

  • العلاج النفسي بواسطة التفريغ :

تعطى الفرصة للنزيل بان يتكلم ويفرغ كل ما في صدره من مشاعر مؤلمة أو مفرحة قديمة كانت أم حديثة يعبر عن كل ما يجول في خلده من أفكار وشكاوى وانتقادات وإرهاصات الماضي وتطلعات المستقبل بالطريقة التي تساعد على تفريغ شحنة القلق والانعصاب التي يعيشها، فيبكي أحيانا ويضحك أحيانا أخرى، عموما يشعر براحة تامة لأنه وجد من اهتم به واستمع إليه.

وفي بعض الأحيان يتم التفريغ عن طريق كتابة صفحات كاملة موجهة للنفساني قصد الإطلاع عليها، وهذه التقنية تفيد مع الحالات التي تعاني من القلق والاكتئاب والأزمات العاطفية، وتلك التي سبق لها القيام بمحاولات الانتحار.

  • الدعم النفسي :

هنا يحاول النفساني أن يكسب ثقة النزيل ويجعله يبوح بكل أسراره و يتحدث عن الألامه وأماله، وبذلك يمكن التعرف على نقاط ضعفه وقوته واستغلالها في العلاج والتوجيه عموما يشعر النزيل بالدعم النفسي من خلال الاستماع إليه وإعطائه الاعتبار اللازم من خلال التشجيع أحيانا والتوجيه أحيانا أخرى

ج- الاسترخاء النفسي والعضلي :

وهو أن يتمدد النزيل فوق أريكة الاسترخاء، وهي موجودة في عدة سجون أو فوق سرير عادي، ويبدأ الاسترخاء الفكري وذلك بالتخلي عن الأفكار المزعجة والمقلقة، حيث يحاول النفساني إدخال الأفكار السارة، ويتم الاستعانة بالصور الجميلة والموسيقى المريحة ثم ينتقل إلى الاسترخاء العضلي لكي يزيل التصلب من جسمه وخاصة الأطراف العليا و السفلي والوجه هذه التقنية العلاجية تفيد المرضى الذين يعانون من توتر عصبي نفسي وجسمي وتكون فعالة في علاج عصاب السجن والتخشب والتشنج وإخراج الأفكار القسرية وإعادة الثقة إلى النفس، وهي تعرف إقبالا واستحسانا من طرف النزلاء وحتى الموظفين .

د- الإرشاد النفسي:

يقوم النفساني بتوجيه وإرشاد النزيل إلى السبيل القويم باستعمال أحسن الصيغ، وهي عموما تتمثل في جملة من النصائح التي يقدمها الأخصائي النفساني للعميل عندما يرى بأن حالته يستدعي علاجها مجرد إتباع النصائح، وهي عبارة عن تقنية فردية يقوم بها العميل للتخلص من مشاكله وقصوره أو اضطرابه، وهي تفيد كثيرا المرضى بالخجل والمنعزلين عن الوسط العقابي أو ما يسمى كذلك بغرباء السجن والذين يعانون من اضطرابات بسيطة في السلوك .

ه- العلاج النفسي باستعمال الدين :

يبرز دور الاخصائي النفساني في المؤسسات العقابية من خلال العلاج النفسي بالدين  بشرح العلاقة بين الوقوع في مرض أو انحراف معين والبعد عن الدين والربط بينهما في العلاج عن طريق الترهيب من عواقب الانحراف عن الطريق المستقيم والترغيب في الدين والراحة وأو الشفاء الذي ينجر عنه، و كل حسب حالته واستعداده النفسي والفكري لتقبل العلاج الذي تشرح منهجيته، فإذا اقتنع بها المريض سوف تكون نتائجها هامة جدا.

ويتم أحيانا توجيه النزيل لحضور الخطب والدروس الدينية التي يلقيها إمام منتدب من طرف مديرية الشؤون الدينية لدى مؤسسة السجن.

و- العلاج بواسطة التحفيز والتنفير:

بعد التعرف على الجوانب السلبية والإيجابية في شخصية العميل يقوم النفساني بعد ذلك بتبصيره بها والتعرف عليها ثم يتم تحفيزه على إتباع الجانب الإيجابي وينفره لتفادي الجانب السلبي.

ونتيجة العملية هي أن العميل في النهاية يصحح سلوكه الخاطئ الذي أدى به إلى التوتر والاضطراب بسلوكات صحيحة تعلمها بتوجيه من الاخصائي النفساني، كل ذلك يتم باستعمال الحوار والمناقشة، وهي

عبارة عن تقنيات تنفع في حالات اضطراب النوم، القلق، الخجل، التوتر، الإدمان على المخدرات ، الانحراف الجنسي والاعتداء على الذات .

ز- العلاج بالعمل :

كمون الطاقات التي تتوفر لدى بعض النزلاء تسبب لهم قلقا جسميا يدفعهم في بعض الاحيان إلى البحث عن أسباب المشاجرات مع الاخرين أو الاعتداء على أجسادهم، لذلك قد يوجه النفساني بعضهم لاداء بعض الاعمال المفيدة لهم وللمؤسسة سواء بصفة فردية أو جماعية لاستغالال لطاقاتهم ووقتهم، وذلك كعالج نفسي يفيد ضد العدوانية وعصاب السجن والقلق والتقليل من استهالكهم للمخدرات

ح- العلاج النفسي المركز :

يقوم النفساني هنا بمواجهة العميل مع نفسه بمقابلته المرأة كبيرة تظهره کاملا حيث يجلس فوق كرسي مريح و يرى نفسه بصورة كاملة وجيدة ويقوم بمخاطبة نفسه وانتقاد سلوكه، حيث يكون هو السائل والمجيب عن نفسه وبتشجيع من النفساني يتمكن من اكتشاف نفسه ويعرف حقيقتها من خلال مواجهتها بنفسه، ويقيم اضطراباته السلوكية وبالتالي فإنه يكتشف عيوبه بنفسه.

هذه التقنية تفيد النزلاء الذين يعانون من نقص الثقة في النفس أو وساوس مصدرها الآخرين وكذلك مشاعر الذنب وتأنيب الضمير.

ط- العلاج بالتحليل النفسي:

تحتاج بعض الأمراض النفسية التي تصيب النزلاء إلى استعمال أسلوب التحليل النفسي من أجل استجلاء أسباب الصراع من العلاقة التي تسود الجهاز النفسي، ولكي نتعرف على الصراع القائم بين مختلف القوى النفسية نلجأ إلى تفسير الأحلام وزلات اللسان وإلى الهيئة التي يظهر بها النزيل وطريقة حديثه الكشف العقد النفسية ومحاولة حلها خلال جلسات عديدة من العلاج العميق.

ي- العلاج الجماعي:

قلما نجد نزيلا يقبل على العلاج النفسي الجماعي، لأنه يعتبر ذلك إذاعا لأسراره وأخباره وإشراك الآخرين في خصوصياته، فالعلاقة بين المساجين على العموم تتسم بالحذر وتشويه الحقائق في مقابل تبادل المصالح والعلاقات النفعية التي تفرضها عليهم الحياة داخل السجن، لذلك فإن العلاج الجماعي قلما يستعمل، وإن وجد فهو قليل الفعالية ونتائجه تكون غير واضحة ولا يمكن متابعة النزلاء بشكل جيد، ومادام المساجين لا يقبلون عليه فإن النفساني كذلك لا يستعمله

3 -  الإحالة إلى أطباء آخرين :

بعد الفحص النفسي قد تبدو حالة المريض بأنها تستدعي فحصا طبيا عند أحد الاختصاصيين فيتم توجيه المريض حسب حالته، و هي عموما تتم نحو الأطباء العامين العاملين بالمؤسسة أو طبيب الأمراض العقلية الذي يزور المؤسسة العقابية من حين الأخر، وهنا يمكن الإشارة إلى الاحترام الذي يحظى به النفساني لدى الأطباء ومدی تقدير رأيه من طرفهم.

4 -  تحضير بعض المساجين للخروج إلى الحياة العامة:

وهذا لا يخص المفرج عنهم بمناسبة منح العفو الجماعي بل يخص النزلاء الذين يكون تاريخ الإفراج عنهم معلوم بعد أن قضوا فترة العقوبة، حيث يعطي لهم الاخصائي النفسي صورة عن التصرفات الواجب التقيد بها تجاه المجتمع وتزويدهم بمجموعة من النصائح يتسلحون بها بعد الخروج من السجن، و يحاول تغيير فكرة شخصية المجرم التي يحملونها عن أنفسهم والتي نمت لديهم في السجن، وذلك من أجل أن يعودوا إلى أهاليهم وهم مزودون على الأقل ببعض النصائح التي تزيدهم ثقة في النفس وتؤهلهم بالتالي للتكيف النفسي الاجتماعي بدون مشاكل ولا عقدة نقص تجاه الآخرين، وخاصة الذين يقطنون القرى أو يكونون معروفين في أوساط المجتمع بأنهم مساجين سابقين .

5 -  القيام بزيارات إلى عنابر وقاعات النزلاء

يقوم الاخصائي النفساني بزيارات إلى مختلف أجنحة السجن، وهذا للتعرف على حياة المساجين ومعاناتهم اليومية والوقوف على مشاكلهم الشخصية والاجتماعية وحتى العائلية من خلال محاورتهم جماعات و فرادى ومشاركتهم بعض الألعاب والجلوس معهم في الفناء ومشاهدتهم في أوقات تناول الوجبات الغذائية، وغير ذلك من مظاهر الحياة الجماعية.

كما تتاح له فرصة التعرف على مشاكل النزلاء فيما بينهم فيحاول خلق جو من التأخي والتفاهم من أجل تقاسم حلو الحياة ومرها، ومن أجل الوصول إلى هذه الغاية كان ضروريا أن تتعدد الزيارات بمعدل زيارة كل أسبوع، وهناك يتم اكتشاف الحالات المرضية والاجتماعية العسيرة التي تتطلب تدخل النفساني أو حتى تدخل المساعدة الاجتماعية أو أطباء المؤسسة، فيتم استدعاء النزلاء المعنيين بذلك إلى مكتب النفساني ومن ثم تتم مساعدتهم كل حسب حالته.

كما يحاول علاج بعض المشاكل وإيجاد الحلول المقبولة لها سواء في مكان تواجد النزيل أو في المكتب عند استقبال النزيل، وبهذا يتبنى النفساني فكرة " أن أفضل علاج هو عندما يذهب الطبيب إلى حيث المريض ويكتشفه "

6 -  زيارة قاعات الدراسة:

يقوم الاخصائي النفساني بزيارات إلى قاعات الدراسة وورشات التكوين المهني قصد الوقوف على بعض مشاكل المتمدرسين من خلال التحاور معهم ومع معلميهم وتزويدهم بنصائح قابلة للتطبيق تخص كيفية مراجعة الدروس واستذكارها والاستفادة منها والتحضير للامتحانات والدخول إليها بدون خوف من الرسوب ويساعد الذين لديهم نقائص في تحصيل أو إضراب القابلية للدراسة فيحثهم على المواضبة وعدم الانقطاع عن الدروس .

7 - حضور اجتماعات لجنة الترتيب والتأديب كعضو فعال :

بناء على القرار المؤرخ في 10 فيفري 1972 الذي يحدد تشكيل اختصاصات اللجان الترتيب

والتأديب بالمؤسسات العقابية، فإضافة إلى قاضي تطبيق العقوبات ومدير المؤسسة، يكون عضوا في هذه اللجنة الأطباء والأخصائيون النفسانيون ورؤساء الحراس، وكذا المساعدة الاجتماعية.

هذه اللجنة التي تجتمع مرة كل شهر باستدعاء من رئيسها حيث يلعب فيها الأخصائي النفساني دورا فعالا في تنشيط وتفعيل دور هذه اللجنة وذلك لكون جل نشاطاتها ذات علاقة مباشرة مع اختصاصه، وذلك من خلال ترتيب المساجين عند وصولهم إلى المؤسسة العقابية في نظام حبس يتوافق مع مدة العقوبة المحكوم بها عليهم وحسب ظروف كل مؤسسة.

كما يقوم بدراسة ملفات التقرب العائلي التي يتقدم بها المساجين إلى اللجنة وطلبات الإفراج المشروط والاستفادة من نظام الوسط المفتوح والحرية النصفية والالتحاق بالورشات الخارجية وحول إرجاع المحكوم عليهم من نظام إلى آخر، كأن يعاد النزيل من نظام الحرية التصفية إلى نظام الحبس المغلق، لذلك يقوم بدراسة هذه الملفات ومقابلة أصحابها وتشخيص حالتهم النفسية والوقوف على احتياجاتهم الآنية وقدراتهم التأهيلية ويقدم بشأن ذلك رأيا منفردا يخص كل حالة على حدا يرفقه بملف المعني الذي يمكن لكل أعضاء اللجنة الإطلاع على رأيه كتابيا والذي يدعمه خلال المناقشات العامة التي تدور أثناء انعقاد اللجنة .

كما يساهم الاخصائي النفساني بفعالية في دراسة وإبداء رأيه في برامج التكوين المهني والنشاطات التعليمية والثقافية والرياضية وكل النشاطات المرتبطة بالقطاعات الأخرى، وفي الأخير يكون ملزما بالإمضاء على محاضر الاجتماع التي ترسل إلى المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة التربية

8 -  التنسيق:

يقوم النفساني بالتنسيق في عمله مع أطباء المؤسسة والمساعدة الاجتماعية إن وجدت و طبيب الأمراض العقلية الذي يزور المؤسسة من حين لأخر، وذلك من أجل ضمان متابعة جيدة للنزلاء وتنسيق وتقاسم الجهود وتبادل الآراء من أجل فعالية العمل الجماعي، وأحيانا تعقد اجتماعات بشأن بعض الحالات التي تتطلب ذلك.

9 - مرافقة النزلاء:

هذا يخص بعض النزلاء الذين تتطلب حالتهم الصحية مرافقة النفساني لهم إلى المستشفى أو زيارتهم باستمرار، وكثيرا ما يطلب الأطباء القائمين بعلاج بعض النزلاء بالمستشفيات الجامعية زيارة النفساني للمريض أو تحرير تقرير حول حالته النفسية ، وخاصة إذا تعلق الأمر بمرضى مقبلين على إجراء عملية جراحية

10- ملاحظة محادثة النزلاء مع أهاليهم :

مشاهدة المساجين خلال التحدث مع أهاليهم ومحاولة التعرف على طرق التعبير لديهم وسلوكهم أمام أوليانهم، وتقديم بعض النصح لأهاليهم والتي تخدم النزيل أثناء تأدية عقوبته ويتم ذلك في مقابلة بين النفساني و أهل النزيل حيث يتعاون الطرفان على تعديل سلوكه نحو الأحسن.

11- التحاور مع المسؤولين:

كما يقوم الاخصائي النفساني بالتحدث إلى المسؤولين عن المؤسسة ومناقشتهم حول بعض الحالات التي تستدعي ذلك، ويكون التنسيق على الخصوص مع ضابط الحيازة، مدير المؤسسة، قاضي تطبيق العقوبات، ورؤساء الأجنحة.

وللإشارة فإن التعاون الجدير بالاحترام مع النفساني يسهل للقائمين على المؤسسات العقابية الحفاظ على إنسانية الإنسان و السهر على ترقيته وتطويره وإكسابه خبرات جديدة و إدخال عناصر هامة في شخصيته وتغيير تفكيره وتهيئته لإدخاله من جديد في المجتمع فردا جديدا صالحا، يبني مستقبله بكل أمان، ويساهم كذلك في الحفاظ على أمن المؤسسة من خلال استقرار الحالة النفسية للنزيل وتوازنه وانشغاله طول الوقت .

12- الأنشطة العلمية :

كما يقوم الاخصائي النفساني بإعداد محاضرات و إجراء الدراسات بحوث نفسية حيث يلقي بعضها في ندوات وطنية تنظم على الخصوص لهذا الغرض أو يرسلها للهيئات المكلفة بالبحث في المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة التربية، وهكذا يستفيد منها كل من لهم علاقة بالسجن والمساجين، وأحيانا يكلف النفساني بإجراء الخبرة النفسية لبعض المتهمين بجرائم القتل العمدي وتؤخذ تقاريره بعين الاعتبار ولوحظ بأن بعض القضاة يفضلون في هذا المجال التعامل مع الاخصائي النفساني على التعامل مع طبيب الأمراض العقلية .

وعلى العموم يبقى مكتب الأخصائي النفساني مفتوحا للجميع سواء تعلق الأمر بالموظفين أو المساجين وكل الذين يشتكون من مشاكل نفسية أو سلوكية يتم فحصهم و الإشراف على علاجهم .

13 - دور الاخصائي النفسي في المؤسسات العقابية محاط بالقوانين والمخاطر:

رغم تطور المؤسسة العقابية الجزائرية إلى مؤسسة إعادة التربية والتأهيل يعمل بها أخصائيون نفسانيون كموظفين دائمين، إلا أن الأخصائي النفساني يقوم بعمله و هو محاط بالقوانين و بمجموعة من الممنوعات والتهديدات مما يؤثر على مسار عمله ويقلصه من عمل إلى جزء من عمل فقط.

فدوره العلاجي التوجيهي الإنساني يستلزم نوعا من الحرية والمبادرة، لكن طبيعة مثل هذه المؤسسات التي تحتوي على فئة خاصة من النزلاء تستلزم التكتم والحفاظ على السر المهني وعدم التعامل مع النزلاء أو مع أهاليهم خارج الأطر القانونية خاصة وأن الاخصائي النفساني ينظر إليه في بعض الأحيان كعنصر دخيل على المؤسسة باعتبار أن كل موظفيها يرتدون البذلة الرسمية والنزلاء يرتدون البذلة العقابية ماعدا الأطباء والنفسانيين يرتدون لباسا مدنيا عاديا، لذلك فهم محل أنظار الجميع وكثيرا ما يشعرون بالمراقبة من طرف طاقم السجن أثناء تأدية مهامهم، هذا فضلا عن كبح غير مباشر لمبادرات الاخصائي النفساني التي تتعارض في بعض الأحيان مع القوانين السارية مثل الإلحاح على خروج بعض المساجين في عطلة نظرا لسلوكهم القويم أو الاستفادة من نظم مختلفة مثل الخروج إلى العمل بالورشات الخارجية ،مثل هذه الاقتراحات لا تلقى في كثير من الأحيان الأذان الصاغية نظرا لعدم توافقها مع نظام المؤسسة العقابية.

وكذلك الأخطار التي يتعرض لها الأخصائي النفساني خلال تأدية عمله سواء أخطار مرضية من جراء احتكاكه بالنزلاء الذين من المحتمل أن يكون البعض منهم مصابون بمختلف أنواع الأمراض، أو أخطار التعدي الجسدي من قبل النزلاء أو المشاركة في إستتبات الوضع داخل المؤسسية إذا حدث طاری، فالتعامل مع الإنسان مهما كان مستواه الأجتماعي والثقافي يختلف عن التعامل مع الآلات والأشياء، فالعمل مع النزلاء محفوف بالأخطار والتعرض لشتى الأنواع من الضغوطات سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من طرف أي كان .

14 - فهم سيكولوجية المساجين:

يشكل المساجين داخل المؤسسات العقابية وبالخصوص منها إعادة التأهيل والتربية مجتمعا موازيا للمجتمع الخارجي الذي يتمتع بصفة السوية. وعندما نتحدث عن المجتمع العقابي يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هناك قوانین و ضوابط يتعلمها المسجون الجديد تلقائيا أول ما يدخل السجن.

ففي الجزائر أو في أي بلد آخر يكتسب النزيل مع مرور الأيام شخصية جديدة مخالفة لشخصيته الأصلية التي تكون قد ضاعت منه في متاهات الشوارع وعلى عتبات الانحراف رغم حفاظه على بعض سماته الشخصية، حيث يجد نفسه مجبرا على التكيف وسط هذا العالم الغريب بعدما عجز عن التكيف مع المجتمع الذي ترعرع فيه، يستخدم تلك الشخصية مؤقتا كطريقة للعيش فيكتسب سلوكيات تتناسب مع حاجاته ومتطلباته داخل السجن.

وتستمر حياته على نمط معين وبإيقاع تتحكم فيه الغرائز والحاجات اليومية ويبقى بين مد وجزر، يستقبل الأيام وينتظر المواسم ويكبر في السن ومع تراكم الأيام يتأقلم مع مجتمعه الجديد، ومعنى

ذلك أنه يتخلي عن الكثير من الصفات الشخصية والطبائع الذاتية ويذوب في الشخصية الجماعية الجديدة وذلك بتقليد من سبقوه إلى السجن، ويخضع تلقائيا لتوجيهاتهم، وبذلك تنتقل عقلية المساجين بين بعضهم البعض ويكونون مجتمعا متشابها.

لكن رغم ذلك فإن دور الاخصائي النفسي في المؤسسات العقابية  وخلافا لباقي موظفي السجون عندما يلقي نظرة على المساجين سواء داخل القاعات أو في أي مكان يتواجدون به يلاحظ تضارب سلوكهم وتناقض تصرفاتهم واختلاف استجاباتهم للمؤثرات التي يتعرضون لها و اختلاف نظرتهم لوضعيتهم العقابية أو حالاتهم النفسية أو ظروفهم الاجتماعية وحتى مكاسبهم الثقافية والمعرفية، وفعلا مثلما تختلف النظرة إلى السجين من لدن أفراد المجتمع، فالسجناء أيضا تختلف نظرة كل واحد منهم إلى نفسه وتقييمه لذاته، إذ نفرق بين من يحكم على نفسه بأنه بطل بحكم تواجده في السجن وعلى من يحكم على نفسه بالنذالة لأنه ينتمي إلى عالم المساجين.

إذن سيكولوجية المساجين موضوع مثير للاهتمام والتحدي نظرا لكونه غامض ومعقد ومتناقض، وذلك لكون الحياة في السجن مشحونة بالقلق الذي يعتبر أساسا المختلف الأمراض النفسية الأخرى التي تنتقل بين المساجين في غالب الأحيان ، فبمجرد سماع مسجون لزميله الذي يتحدث عن القلق أو الأرق أو الاكتئاب مثلا يتأثر بهذا الكلام ويصاب باحد تلك الأمراض.

فالأمراض التي تصيب المساجين جلها أمراض نفسية و النفسية الجسدية او ما يسمى بالامراض السيكوسوماتية ،علما بأن بعض نزلاء السجن يدخلون إليه وهم مصابون مسبقا بأمراض نفسية متعددة قد تتطور خلال تواجدهم بالسجن، إذن ليس كل الأمراض من عمل الحياة العقابية، بل هذه الحياة نفسها تساعد البعض على إيجاد ذواتهم و تشفي البعض الآخر من عدة أمراض نفسية .

والهدف الأسمى الذي يسعى إليه و دور الاخصائي النفسي في المؤسسات العقابية هو الوصول إلى التوافق و التكيف الذاتي والاجتماعي للمساجين ومساعدتهم على العيش بأمن وسلام من فتك القلق والحصر والأرق ومختلف الأمراض الأخرى.

ولأجل تحقيق الهدف نفسه تغيرت معاملة الكثير من الدول مع المساجين و المتواجدين في المؤسسات العقابية فمثلا اختيار الحراس لم يعد يقتصر فقط على طول القامة و قوة البدن بل أصبح يتطلب الجانب الثقافي و المستوى الدراسي والتكويني لدى الحارس في محاولة تحويل السجن إلى مؤسسة مخصصة فعلا لاعادة التربية و الادماج الاجتماعي .

 المرجع 

وناس امزيان . اي دور للاخصائي النفسي في المؤسسات العقابية .مجلة ابحاث نفسية و تربوية . العدد 3 . 2010 .

وفي موضوع ذات صلة يمكنك تحميل دراسة بعنوان الامراض النفسية والعقلية و المسؤولية الجنائية